كتاب الرائ

ملف القمامة الذي يأبى أن يفتح  ؟!!

إدريس أبوالقاسم

ملف القمامة الذي يأبى أن يفتح  ؟!!

إدريس أبوالقاسم

تشكل النفايات بمختلف تصنيفاتها مشكلة بيئية قائمة بذاتها تعاني منها أغلب المجتمعات وخصوصا دول العالم الثالث كونها تؤدي إلى تلوث البيئة إذا لم يتم إعادة تدويرها وتحويلها إلى مواد نافعة عوضا عن رميها في المكبات المؤقتة والدائمة بشكل عشوائي ، مثلما يحدث الآن ، حيث ترمى القمامة بكل مكان ، على جوانب الطرق الرئيسية والفرعية وفي الأراضي النائية لتشكل حالة تلوث مركبة يصعب علاجها وخصوصا مع مرور الوقت ، أو أن تنقل إلى المكبات العامة للقمامة حيث يتم تجميعها ومن ثم تطمر في حفر عميقة أو تحرق بالنار في العراء كنوع من المعالجة فتكون النتيجة تلوث من نوع آخر أكثر شدة من سابقه .

وللحيلولة دون تفاقم هذا التلوث الناجم عن معضلة القمامة المتوالدة بشكل مضطرد ، وخصوصا داخل المدن والأحياء السكنية الكبيرة ، فقد لجأت بعض الدول إلى استخدام التقنية الحديثة للاستفادة من القمامة والتخلص من المخلفات عبر تدويرها تقنيا ،فتتم الاستفادة من المخلفات العضوية بتحويلها إلى سماد عضوي عالي الجودة ، وأكثر أمنا على الصحة العامة ، في حين تتم الاستفادة من المخلفات الصلبة بواسطة الفرز الجاف بعدة طرق منها الفرز المغناطيسي والفرز الهوائي، وكذلك تصنيف النفايات حسب مكوناتها تمهيدا لإعادة تصنيعها بعد كبسها .

وفي بلادنا ورغم كل المحاولات التي جرت ومازالت تجرى لاحتواء تعاظم مشكلة القمامة لازالت المشكلة تطل برأسها كل يوم بصورة أسوأ من سابقتها ذلك لأن المعالجات القائمة لازالت دون الحد الأدنى من اشتراطات البيئة النظيفة ، بل هي أساليب مضاعفة للتلوث كالحرق مثلما يحدث الآن بمكب الكريمية المرحلي وغيره من المكبات بالمدن والقرى .

إن عدم وضع استراتيجية مبنية على أسس علمية لاحتواء أزمة القمامة في الشوارع والمدن الليبية سوف يؤدي إلى المزيد من معدلات التلوث المرتفعة أصلا بسبب تجاهل هذا الأمر لعقود من الزمن ، ويمكن وفقا لذلك أن تظهر مفاجآت غير سارة ، كظهور الأمراض المعدية وانتشار القوارض ، وازدياد نسبة التلوث بالشواطئ والبحار وما يسفر عن ذلك من ضرر للكائنات البحرية ،  وتناقص معدلات تكاثرها فضلا عن هجرها للشواطئ الليبية .

في حين أن فتح ملف القمامة على طاولة البحث سوف يفتح الباب باتجاه أكثر اتساعا ورحابة من مجرد التخلص من القمامة في حد ذاتها ، سوف نجد أن هذا الملف سيتيح فرص عمل لم تكن في الحسبان ، وسيوفر منتجات متنوعة موادها الخام مصدرها القمامة ، عوضا عن بيئة نقية .

ونتمنى ألا يبقى التفكير في إيجاد الحل حبيس الماضي واستنساخه بحذافيره ، فما سمعناه عن محاولة إنشاء محطة تجميع مؤقتة للقمامة بمنطقة سوق الثلاثاء هي عودة بهذا الملف ليس إلا الماضي فحسب بل إلى القرون الوسطى ، فهل يعقل أن يقام مجمع مرحلي للقمامة في قلب العاصمة ؟!

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى