كتاب الرائ

منظمات الوهم !

بقلم : د. إبراهيم زبيدة

 الدول تتعامل وفق مبدأ المصالح ومبدأ التعاون والاستفادة المشتركة وهذا ابسط وأولى قواعد العمل السياسي لأي دولة في العالم.

كانت  النظرة الى ليبيا  عبر عقود طويلة هي انها (بنك) يقدم دعم ويشتري اوهام وبات كثير من شداد الافاق حول العالم يبعون الوهم الينا ويقبضون ثمنه بالعملات الصعبة.

 يبعوننا مثلا تشكيل خلايا عمل. دعم حركة تحررية مناهضة للامبرياليةاو تاسيس حركة وحدوية قومجية. الخ من هذه الاوهام وكان الدولار يتدفق سخيا .

لا مجال ابدا لنطرح سؤال ثم ماهي مصلحتنا كدولة في هذه التجارة؟ماذا سيجني المواطن البسيط من وراء ذلك؟

الاجابة ستأتي من قاموس تجارة الوهم هذه مثل” محاربة الامبريالية والصهيونية العالمية” التي لا احد يعرف من المقصود بها ابد.

هكذا كانت ليبيا عبر عقود. ولهذا الغرض كانت تنشأ منظمات مثل منظمة التعاون مع امريكا الجنوبية. ومنظمة الشعوب الافرو اسيوية. وهلم جرا.

الغريب في الامر ايضا  ان منظور المصلحة والعائد غائب  كمقياس للانضمام والدعم الذي تقدمه خزائن الدولة للمنظمات العربية والاقليمية  لدرجة انه لا احد يستطيع احصاء هذه المنظمات والهيئات التي تدعمها خزانة الدولة الليبية سنويا  والتي لا نرى ايضا أي مكسب منها على الاطلاق.

 فاي نفع في مؤسسات المغرب العربي وماهي العوائد والفوائد التي تنعكس علي المواطن الليبي من وراء المغرب العربي ومؤسساته بدرجة تختلف مثلا عن ما يتلقاه المواطن الليبي في الاردن  او لبنان؟

 ان العلاقات الثنائية والمعاملة بالمثل تظل هي الاكثر واقعية والاتفاقيات الثنائية بين البلدان العربية هي مايرسم شكل التعاملات السياسية والاقتصادية وبالتالي ليس هناك أي جدوى على الاطلاق من استمرار دكاكين الزيف والوهم المسماة منظمات المغرب العربي أي كان نشاطها.

اذا كان المقياس دائما هو العائد والجدوى للبلاد وللمواطن . اما اذا كان الهدف من الاستمرار في الانفاق والمساهمة في هذه المنظمات والكيانات هو فقط لإضفاء صفة قانونية  وشرعية للانفاق على عشرات من ” الموظفين  والمبعوثين  والممثلين” الذين لايؤدون أي دور ملموس يمكن ان يضيف شيء الى مصالح ليبيا او مصلحة المواطن. لا اعتقد ان هناك ابواب خاصة لمواطني دول المغرب العربي في مطارات دول المغرب مثلا ، ناهيك عن فرص الاقامة والتملك مثلا.

 ان البرغماتية  السياسية ومبدأ تحقيق المصالح اولا هو في احد اوجهه شكل من الاعتزاز بالوطن وتاكيد الانتماء اليه اما اذا سادت المصلحة الفردية الضيقة وطغت فان نتائجها كارثية حتما.

لقد تحولت كلفة سفر رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير وكلفة حراسته الى موضوع تحقيق طويل في الدوائر الرسمية البريطانية استمرت لعدة سنوات .

وكان من ضمن الاطروحات او المقاييس التي تكرر طرحها ضمن سياقات التحقيق أي جدوى وعائد حققته بريطانيا من وراء رحلة طيران رئيس الوزراء الى هذه الوجهة او تلك   وكلفت الخزينة ملايين الجنيهات؟

خزائن الدول ليست بنوكا توزع الصدقات او بواب لاستنزاف المال العام، فلماذا لا يحق لنا ان نخضع كل الانشطة السياسية واوجه التعاملات لهذا المنطق الذي هو جوه الشفافية والمحاسبية.

هذا الكلام ينطبق على الميزانيات المخصصة للضيافة والمراسم والهدايا وغيره واذكر ان الحساب اليومي  لوجبات رئيس بلد افريقي مجاور كان يكلف مابين 30 الى 35 الف دينار ليبي في حقبة التسعينييات في احد فنادق طرابلس . وهو رئيس عرف باقامته الطويلة وزياراته المتكررة مع العلم بأنه من بين القادة الذين وقفوا ضد النظام السابق في آخر أيامه مما يعني ان ذلك البذخ كان غير مجد!

ان صورة ليبيا كبلد يشتري الوهم يجب ان تتغير وهذا يستلزم تغيير صورتنا عن ذواتنا كبلد عظيم يقود العالم الاهم عربيا وافريقيا الخ.

ان ابسط المعايير التي لاتحتاج لاي تنظير هي سياسة التعامل بالمثل وحسب علمي لا يوجد بلد عربي واحد يفتح فنادقه وخزائنه للآخرين فلماذا نحن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button