من دخل إلى البحر فهو غير أمن، وكل ما يخرج منه ؟؟؟؟
بحر العاصمة منكوب وأسماكه في خطر
شواطئ وبحر طرابلس أصبحت مجمعا للملوثات والبكتريا والمركبات الثقيلة
بحر طرابلس، منه أخدت العاصمة لقب العروس، وفيه يرتاد مليون من سكانها فيكل صيف، ومنه الخيرات والثروات البحرية، والتي تكفي لغذاء قارة بأسرها.
هذا البحر شهد في الآونة الأخيرة العديد من المشاكل التي عكرت صفوه، فكان القيل والقال حوله، تارة من الهجرة الغير الشرعية ، وتارة أخري من القصص البيئية التي تسرد عليه.
جرس الإنذار بالخطر المحدق به، كان أول رنينه من بلدية طرابلس المركز، فالأرقام تقول إنه تحول من بحر يزين العروس، لقنبلة موقوته تنفجر معها كوارث لايحمد عقباها.
الدكتورة إنعام التركي عضو المجلس البلدي ببلدية طرابلس المركز، قالت “إن البلدية وبعد وصول العديد من الأبحاث والتقارير البيئة، قررت إصدار بيان رسمي بمنع السباحة ومزاولة كافة الأنشطة البحرية وصناعة الثلج، وحتي عملية تحلية المياه، وذلك لكمية الثلوت الكبير في هذا البحر”.
وقالت التركي عن الثلوت في البحر “إن مصدره هو من ثلاث جهات، الأول من البيئة العامة، فعند سقوط الأمطار فإن القمامة والأوساخ تنجرف كلها للبحر عن طريق المجاري ، أما المصدر الثاني فهو مياه الصرف الصحي بطريقة مباشرة، والتي لاتخضع للمعالجة حتي لو بنسبة بسيطة، فتكون عالية التركيز، أما المصدر الثالث فهو من البحر نفسه، لوجود بكتريا تستوطن بداخله”.
مياه الصرف الصحي لها الحصة الأكبر من التلوث
فنتيجة لزيادة كميات مياه الصرف الصحي المتدفقة عبر خطوط المجاري الي البحر، ووجود مشاكل كبيرة في منظومة الصرف الصحي، والتي يعود تصميمها لسنة 1964، وبدأ بها العمل فعليا منذ سنة 1968 ، بسعة تشغيلية قدرها 1125 متر مكعب في الساعة،ومع مرور الوقت أصبحت ضعيفة جدا في التأقلم مع التطور العمراني الكبير التي شهدته العاصمة .
هذه المنظومة تم تطوريها بمرحلة ثانية سنة 1979 بإنشاء محطة أخرى، والتي بدأت العمل سنة 1986، بسعة تشغيلية تصل إلى 4600 متر مكعب في الساعة .
يشار إلى إنه يوجد من تاجورا حتي جنزور 32 مخرج للصرف الصحي، منها 27 مخرج لاتمر على محطة المعالجة، والتي تعطي في 1275312 متر مكعب يوميا من المياه غير معالجة ولو جزئيا، أما المعالجة فهي 85000 متر مكعب يوميا فقط .
وسبب عدم المعالجة هو عدم وجود صيانة لمحطة معالجة الصرف الصحي وأيضا عدم قدرتها على استيعاب كل الكميات، بالإضافة إلى أن المحطة مربوطة بمشروع الهضبة الزراعي، والذي تم الاستلاء علي جزء كبير منه من المواطنين، وعدم استقباله للمياه المعالجة .
بحر طرابلس منكوب !!!
بكلمة (منكوب) وصف المهندس عبدالباسط الميري وهو باحث في المجال الكيمائي و البيئي الحال الذي وصل إليه البحر، فقال الميري “إن مياه الصرف تشكل النسبة الأكبر، ولكن هناك مصادر أخرى للتلوث، كالقمامة ومخلفات المباني، وأيضا المصحات والمستشفيات والمصانع الموجودة على البحر، وهذه بنسبة قليلة جدا” .
وأضاف “كما أن هذا الأمر ساهم في ظهور العديد من الأحواض التي تجتمع فيها الحشرات والبعوض والناموس، مما نتج عنه ظهور حالات من المالاريا، بالإضافة إلى الرائحة الكريهة والمنظر غير الحضاري لهذه الأحواض” .
كما قال الميري “إن شواطئ وبحر طرابلس أصبحت وكرا لجميع الملوثاث و البكتريا وللمركبات الثقيلة، وإذا قمنا بالمقارنة بين طرابلس ومدن متوسطية أخرى من ناحية درجة الثلوت فإن طرابلس تعتبر نسبيا أفضل” .
ولكن الغريب أن طرابلس ليست مدينة صناعية أو ذات كثافة سكانية كبيرة مقارنة بمدن وعواصم عديدة في البحر المتوسط لكي تحمل كل هذا التلوث في بحرها .
الأسماك في خطر !!
هذا التلوث هدد بالدرجة الثانية الأسماك والصيد البحري، فحدثنا سمير برقيق أحد تجار الأسماك في طرابلس، أن تلوث البحر أصبح بدرجة كبيرة عن ذي قبل، وأن الأسماك تأثرت من هذا التلوث، فهي تحتاج الي أن تكون دائما في درجة حرارة باردة، فيجب وضعها في الثلج بعد اصطيادها مباشرة، وإلا إن مادة الاحماض الأمينية الموجود عليها تموت، وهذا بسبب التلوث، وهي المادة المسؤولة على حفاظ الاسماك في المياه الباردة والثلج .
وأضاف أن مياه المجاري شكلت مستنقعات جعلت الأسماك تهرب منها، بسبب تغير نسبة الملوحة ودرجة التلوث الكبير فيها .
جثث الهجرة نقطة في بحر ولا تٌشكل الخطر
وعن موضوع الجثث اليومية التي تغرق في البحر فند الدكتور رياض اللصاقي المعلومة التي تقول إنها سبب رئيسي في الثلوت، “أن هذه الجتت تتحلل عضويا وتذوب في البحر وليس لها أي ضرر إن لم تلمس باليد مباشرة، وبالعكس فهي من الناحية العلمية تمثل سماد للبئية البحرية”.
نوه اللصاقي “بحسابها بنظرية النسب والتناسب فإن هذه الجتت لاتمتل شئ مع كميات الحيتان والاسماك التي تموت في البحر .
وعن انتقال الامراض من الجثث قال اللصاقي، إن الفيروسات والبكتريا تموت مع الجتة فورا، عدا الايدز الذي يبقي لاربعة وعشرين ساعة فقط، اما الناموس والحشرات فإنها لا تقوم بنقل هذه الأمراض حتى من الأحياء” .
وفي لقاء مع أحد المواطنين في مصيف السندباد حول الثلوت، قال إن لا خيار لديه، للهروب من درجات الحرارة العالية وانقطاع الكهرباء، وأن الظروف المادية والأمنية لاتسمح له بالخروج من مدينة طرابلس .