وجوه الكتابة ولغتها
الهادي الورفلي
وجوه الكتابة كوجوه الناس ، هناك وجوه باسمة ، وهناك وجوه متجهمة ..، ووجوه حزينة ، و أخرى سعيدة ..، ووجوه متشائمة ، ووجوه متفائلة ، وكل وجه من هذه الوجوه له تأثير مباشر على نفسيتنا .. فالسعيد يسعدك .. والمتشائم يشقيك ..، المتجهم يجعلك عابساً مثله .
ووجوه الكتابة شأنها شأن وجوه الناس .. منها العابس ، ومنها الباسم منها الكئيب الذي ينفرك منه .، ومنها الخفيف الدم الذي يجعلك تحبه من أول كلمة ..، فمن منا لم يغلق كتاباً دون أن يكمل قراءة مقدمته “لثقل” لغته وجفافها ..، ومن منا لم يحب كاتباً من أول مقال حيث يظل متعلقاً به باحثاً عن كتاباته .. قارئاً نهماً لها في علاقة حبٍ من نوع خاص ولدت من أول لقاء بينه ، وبين كلمات هذا الكاتب ، ولغة كتابته الجميلة .. الخفيفة الوقع ، الباسمة المتفائلة ذات الأثر الذي لا يقاوم .. والسحر الذي يمتلك القلوب ، ويأسر العقول ..
الكتابة ليست مجرد حروف ..، ولا هي مجرد كلمات نلقي بها على الورق .. الكتابة شجن رفيع .. وحالة وجدانية راقية واحساس دافق من روح شفافة قادرة بقوة صدقها .. ورقتها أن تلقي بنفسها في نفوس الآخرين وفي قلوبهم .. وعقولهم أيضاً ..
الكتابة ليست فقط كلمات لحمل المعاني المختلفة ، المتعددة ، ولاهي إناء شفاف يمكن منه أن نرى ونفهم ما يصعب علينا ربما فهمه بوسائط أخرى الكتابة لوحة فنية زاخرة بكل الأحاسيس ، مليئة بكل المشاعر المعلنة وغير المعلنة ، وهي أيضاً عزف منفرد لقاريء منفرد يجيد التذوق للالحان الشجية التي يهز الطرب أوتارها ..، وقبل كل ذلك القدرات العالية لنسج معزوفة لها من التأثير ما يجعل النفوس تطرب .. والعقول تنعم براحة القبول ..
الكتابة بدون هذه الملكات ليس لها أن تكون كلمات ، هي أي شيء أخر .ز أو هي ليست أكثر من مفردات ميتة لا حراك .. ولا نفس فيها ..
الكتابة روحها الكلمات المفعمة بالحياة ، المشحونة بالشجن العاطفي ، المملؤة بقوة الاقناع .. هذه هي لغة الكتابة وهذه مفرداتها .. وأبجديتها لمن أراد أن يتكلم بالكتابة ..
