نبض الشارع
مئات المليارات من الدولارات صرفت في لا شيء خلال أقل من عقد من الزمن ، مرت السنين وتآكلت هذه المليارات لتتآكل معها البنية التحتية الهشة بالأساس لتزداد هشاشة .
الإجابة الضمنية حتما سترمي باللائمة على الظروف السائدة الناجمة عن حالة الاحتراب بين أبناء الوطن الواحد ، والتي فتحت أبواب ودروب لم يألفها المواطن الليبي ، جعلت هذه المليارات تذوب كما يذوب فص الملح في كوب الماء .
لو كان هناك بعضا من المسئولية ، وقليلا من التخطيط ، وشيء من الوطنية وصحوة الضمير لدى المسئول الليبي ، لكان حال البلاد اليوم أفضل .
كان بقليل من الإنفاق أن تستكمل المشاريع السكنية والخدمية التي ظلت كخيال ” المآتة ” شاهدا على الخيبة ، وقلة الإحساس بالمسئولية التي تجاهلت أضرار عوامل التعرية على أساسات هذه المشاريع من حديد وخرسانة الناجمة عن التأخر في استكمال هذه المشاريع ، لتتناقص قيمتها عاما بعد آخر ، ليصبح استكمالها ضربا من الغباء والجنون ، ومزيدا من الهدر في لا شيء .
وكان بقليل من الإنفاق أن ينعم المواطن الليبي بخيرات جنوب بلاده من تمور وفواكه وخضروات ، ورفع قيمتها الاقتصادية حين تأخذ فرصتها في التصدير والتصنيع .
وكان بقليل من الإنفاق على التنمية أن تكون أسعار الأسماك والتونة محلية الصنع في متناول الجميع ، بدلا من الهدر غير الممنهج على مخلفات دول جنوب شرق أسيا .
وكان بقليل من الإنفاق صيانة الطرقات التي أكل الدهر عليها وشرب ، وأمست أداة من أدوات الموت كثرة الحفر وانعدام الإنارة فيها .
والسؤال الذي يزداد إلحاحا كل يوم .. متى ينهض الضمير من غفوته ، ليرى حالة التردي التي تلف كل شيء في البلاد ، لعل هذا الضمير يشعر بتأنيب الضمير ، ويسعى لتصويب الأوضاع الخاطئة قدر المستطاع .