ثورة فبراير بعد 8 سنوات
التّطلّعــــــــــات والاحتفالات تقهر الإحباطــــــــــات
شهدت عدد كبير من المدن الليبية وفي مقدمتها العاصمة طرابلس احتفالات بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة السابع عشر من فبراير التي أطاحت بنظام القذافي سنة 2011 م .
وخرجت مسيرات شعبية في عدد من شوارع وميادين هذه المدن احتفاء بالذكرى، التي تحل هذا العام في ظل تحديات كبيرة على المستويات الشعبية والسياسية والأمنية.
وتزينت الشوارع والأحياء في هذه المدن بالأعلام والشعارات التي تنادي بالوحدة الوطنية ولمّ الشمل.
وشهد الميدان بدء فعاليات الاحتفال بمشاركة الفرقة النحاسية للشرطة وفرقة البحرية وفرق الكشافة والهلال الأحمر.
رصد : القسم السياسي
وشهد ميدان الشهداء بطرابلس احتفالات وعروضا فنية نظمتها اللجنة العليا للاحتفالات، تحت شعار: “البركة في الشباب”.
وكانت مديرية الأمن الوطني في طرابلس قد أعلنت إغلاق جميع الطرق المؤدية لميدان الشهداء، اعتبارا من الخميس الماضي ومنع الألعاب النارية طيلة أيام الاحتفال.
الثورة .. واقع وتحديات
ومع مرور ثمان سنوات على ثورة 17 فبراير مازالت تعيش بلادنا انقساماً سياسياً ووضعاً أمنيا هشاً عطل مؤسسات الدولة ، حيث يقف أبناء الشعب الليبي على مفترق طرق بين متفائل ومتشائم، ويحذو بعضهم الأمل في أن تطوي الانتخابات صفحة الأزمة السياسية والأمنية بالبلاد.
وقد حاولت الأمم المتحدة الوصول بالفرقاء السياسيين إلى اتفاق شامل لإدارة الدولة الليبية عبر توقيع اتفاق الصخيرات السياسي في ديسمبر 2015 إلا التعنت أربك المشهد وأجهض كل الجهود للوصول إلى حالة مستقرة تمهد الطريق للانتخابات القادمة .
وخلال أربعة أعوام من الانقسام تعيش بلادنا على وقع صراع سياسي وانفلات أمني وتدهور اقتصادي دفعت البلاد فاتورته الباهظة ، وهذا ما جعل الإحباط يتسرب في نفوس عدد كبير من المواطنين الذين ما انفكوا يعربون عن خيبة أملهم من وصول البلاد إلى وضعها الراهن الذي تحيط به الأزمات من كل جانب.
الانتخابات هي الطريق الآمن
وبعد هذه السنوات من عمر ثورة فبراير لازالت الأمم المتحدة ومبعوثها الحالي غسان سلامة يعلنان في كل مناسبة عن إصرارهم على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بدعم صريح من مجلس الأمن الدولي بحلول نهاية العام الجاري، وأعلنت عدة دول غربية رغبة ملحة في ضرورة إجراء الانتخابات، مؤكدة بأنها على استعداد لتقديم الدعم المالي المطلوب للعملية الانتخابية المقبلة لكن دون وجود خريطة واضحة.
وفي كل الأحوال بات الطريق نحو الانتخابات ممهدا أكثر من أي وقت مضى رغم وجود مخاوف من إمكانية تصدر بعض الأطراف التي يرفضها الشارع الليبي للمشهد السياسي الجديد.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا قد أعلنت في وقت سابق عن انتهائها من عملية تحديث السجل الانتخابي التي أطلقتها قبل أكثر من سنة مضت .
ولا شك أن عملية تحديث سجل الناخبين التي أعلنت عنها المفوضية منذ عدة أشهر قد كشفت تمسك الليبيين بالخيار الديمقراطي كأساس لبناء مستقبلهم، وأن مستويات إقبال الناخبين تجاوزت التوقعات وحققت أرقاما من شأنها أن تضفي مزيدا من المصداقية على العملية الانتخابية المرتقب أن تجري العام الحالي.
وكانت المفوضية أعلنت تمديد مدة تسجيل الناخبين لتنتهي اليوم، بعد أن كان مقررا انتهاؤها في السادس من الشهر الحالي.
ورغم الجدل السائد في البلاد بشأن الأولويات بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور، فقد واصلت المفوضية العمل على تحديث السجل الانتخابي لليبيين استعدادا لإجراء أي اقتراع.
وكانت الأمم المتحدة قدمت في سبتمبر الماضي خطة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا بنهاية عام 2018، وذلك مع اقتراب نهاية ولاية حكومة الوفاق الوطني المحددة بعامين، دون أن يظهر أي حل سياسي في الأفق.
فبراير من الثورة إلى الدولة
نحتفل اليوم بهذه الذكرى والأمل يحدو أبناء الشعب الليبي بالوصول الى حل ينهي الانقسام ويحدّ من التدخلات الخارجية في شؤوننا ، نعرف أنه على الصعيد المؤسسيّ لا يمكن أن نقول أنّ الاتفاق السياسي قد أفرز مؤسسات ديمقراطية راسخة كما كان يحلم بها الشعب الليبي، فبسبب طول الفترة الانتقالية، وصعوبات تأمين الأوضاع الأمنية والدفاعية في البلاد، يزداد الوضع السياسي تعقيدا، وتتجاذب ليبيا الآن أطراف دولية متعدّدة، فرغم قبولها بوساطة الأمم المتحدة، تقول تقارير أمريكية وأوروبية أنّ عدد المتدخلين الدوليين أكثر من أحد عشر لاعبا دوليا.
وللأسف اغلب القوانين والقرارات التي أفرزتها المؤسسات الانتقالية في بلادنا ، لم تحسم الصراعات بين الفرقاء السياسيين، لهذا فإن ليبيا اليوم تحتاج لمن يخدمها لا من يحكمها وذلك بخدمة التنمية، بناء ليبيا، وتحقيق دولة يحكمها القانون وتديرها المؤسسات، دولة ينعم فيها الليبيون بالرفاه والحريّة التي حلموا بها منذ 2011 م .
وطن واحد .. مصير واحد
الآن ومع وصولنا للسنة الثامنة من عمر فبراير الثورة التي يحتفل بها الليبيون وسط مخاوف من استمرار الانفلات الأمني والانسداد السياسي ليس أمام الليبيين من حل غير إنهاء وجود المليشيات المسلحة والتوقف عن عسكرة الدولة الذي لن يجر البلاد إلا لمزيد من التعطيل وتضييع وهدر الوقت .
علينا كليبيين أن نعتمد دستورنا ويكون عقداً اجتماعيا ننصاع له جميعنا وأن نذهب بأسرع مايمكن لانتخابات برلمانية ورئاسية حتى تقوم دولة القانون والعدل والمؤسسات وإلغاء كل الأجسام السياسية التي جثمت على صدورنا لسنوات ! وصولاً لإنهاء حالة غياب الدولة .
علينا إذا ما أردنا الخروج من الوضع الراهن الذي نحن فيه أن نؤمن بالوطن الواحد ونعترف بكل الليبيين وبحقوقنا السياسية المختلفة ومكوناتنا الثقافية المختلفة وأن نتبنى الديمقراطية والاعتراف بكل الآراء.
وعلينا أن ننسى الانتماء القبلي والجهوي الذي لن يقودنا إلى بناء الدولة ، وأن نؤمن بحق المواطنة ولنجعل الوطن فوق أي اعتبار .
حفظ الله ليبيا