متون وهوامش
الهادي الورفلي
” أم على نفسها جنت براقش “
رغم أن اختراع ” الحاسبة الإلكترونية ” كان اختراعاً مدهشاً في بداياته حيث صفق له ” الكسالي ” بحرارة بالغة إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور مفاجآت من النوع الغريب إذا بدأ أن هناك من يرفض هذا الاختراع ويرفض أن يصفق له حتى بلغ الأمر أن أتهم المتحمسون لهذا ” المنجز” الفريد باتهام الرافضين له بالتخلف ..
لم يمض عقد من عمر ذلك الاختراع حتى ارعبت الدراسات التي أجريت على هذا ” الاختراع” وتأثيره على نمو عقل وذكاء الإنسان ، وبلغ الخوف منه حد الرعب لدى ” طرفي الصراع ” فقد جاءت النتائج بفزع كبير منبعه ” أن هذا الاختراع يهدد بضمور عقل الإنسان ” ولاحظ الباحثون في مجالات قياس الذكاء انحداراً متصاعداً في ذكاء الإنسان وأن كانت سرعته بطيئة .
ها قد حلت ” التقنية ” محل العقل البشري ، وصارت بديلاً عما يمكن تسميته ” بالقدرة البشرية ” .. ، نعم إن هذه التقنية هي في الأصل نتاج ” الذكاء البشري ” فالإنسان هو مخترعها لكن ” السحر قد ينقلب على الساحر ” وربما هذا ما حدث وهذا ما يبدو جلياً لدى الغالبية العظمى من البشر الذين أصبحت منتجات التقنية المعاصرة بديلاً عن عقولهم وتفكيرهم .
لقد تدنى تمرين العقل إلي أدني المستويات وصار الاعتماد على ” العقل الآلي ” في ازدياد كبير جعل الإنسان ينتهي إلى التخلي الكلي عن تنمية العقل باستخدامه لينتهي مع تطور التقنيات البديلة إلى عقل خامل وعاجز وتداعت معه الذاكرة البشرية فانتهت هي إلى وهن ملحوظ ، وضعف كبير هو اليوم ظاهرة أشبه بالمرضية يعاني منها الملايين من الناس على مستوى العالم ..
لقد أصبحت التقنيات المعاصرة هي البديل المميت للإنسان الذي انتهي إلى إنسان خامل العقل ، والجسم .. فهو إنسان معقل في صحته ، ضعيف في جسمه ، متعب في قواه البدنية يعاني من ضعف الذاكرة ..، وضعف القدرة العقلية الكاملة لمواجهة التحديات التي تواجهه ..
بواسطة وسائط المواصلات المختلفة افتقد الإنسان مجهودة العضلي بافتقاد جسمه للحركة فداهم الضمور بنيته الجسمية والعضلية وأصابه كنتيجة لذلك العجز وتقلص جسمه حتى إننا نادراً ما نرى إنساناً قوي البنية .. ، معافي تماماً كما يلاحظ الكثيرون اليوم الضعف الظاهرفي قدرات الإنسان العقلية فلم يعد ذكياً وبدل أن تستمر ذاكراته في النمو أصبحت تضمر بما صنعه الذكاء الإنساني نفسه من بدائل للذكاء الصناعي دفعت بهذا الإنسان إلي الوقوع في الأسر حيث أنتهي أسيراً للتقنية التي حلت محل عقله ، وذاكرته .. وربما حتى دوره الطبيعي .. فهو لا يفكر .. فالعقل الآلي يفكر بديلاً عنه .. ، ولا يتحرك ، فالتقنية تتحرك بديلاً عنه .. ، ولا ينمو بالشكل الطبيعي فقد أصبحت التقنية تنمو كل يوم بديلاً عنه .. ترى ماذا لو تغولت هذه التقنية وساقتنا جميعاً عبيداً لها .” أم على نفسها جنت براقش ” ؟