نبض الشارع
إصلاحات اقتصادية منتهية الصلاحية !!
إدريس أبوالقاسم
سنة كاملة بالتمام والكمال مرت على إقرار حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي أشار بيان إعلانها في 12 سبتمبر 2018 بالحرف الواحد إلى أن ” برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي سبق وأن اتفق بشأنه المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي، يتضمن معالجة سعر صرف الدينار بفرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي للأغراض التجارية والشخصية، ومعالجة دعم المحروقات، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف تصحيح تشوهات الاقتصاد الليبي “.
هذه الحزمة التي تضمنت 12 بندا، كانت الغاية منها التخفيف بشكل سريع من حدة الأزمة الاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطنين، عبر تخفيض الأسعار، وتوفير السيولة، وزيادة الدخل، والإسهام في معالجة جزء من الفساد المالي بملفي الاعتمادات ودعم المحروقات”.
ولكن واقع الحال أتى بغير ما كانت تشتهي وتتمنى الأنفس ، فمن بين بنودها الاثنا عشر لم ينفذ منها سوى بندين ، تمثلا في قرار إلغاء الاعتمادات بالسعر الرسمي للنقد الأجنبي ، وبيع النقد الأجنبي للتجار والعامة بلا قيود بعد تحميله بضريبة 183 % ، مع الاستمرار في بيع مخصصات أرباب الأسر السنوية بالسعر الرسمي .
هذه المحصلة لم تفضي إلى ما وعد به القرار ، فلا سيولة توفرت ، ولا أسعار انخفضت ، بل على العكس من ذلك . فالمواطن وجد نفسه كمن يدفع ” أتاوة ” أو جزية كي يحقق الحد المعقول من العيش الكريم له ولأسرته .
فالمواطن أسير قانون المرتبات رقم 15 ، لا زال يتحايل على واقعه السيء كي يوفر السيولة النقدية عبر شراء سلع كالنقالات وشاشات العرض وغيرها ببطاقات ” السحب الذاتي ” والصكوك المصدقة كي يبيعها نقدا بأقل من ثمن شرائها ، مثلما يطرق أبواب من له بهم صلة من التجار كي يفك له ضائقة مالية مقابل صك مصدق .
ومقابل ضريبة 183 % وجد المواطن نفسه يدفع ” ما يعتقده مكسبا ” فارق سعر مخصصات أرباب الأسر إلى التجار ” الذين في غياب المتابعة ورقابة التسعير ، يحددون الأسعار كيفما يريدون ” مقابل سلع وخدمات كانت متاحة له بأسعار أقل من مثيلتها عقب إقرار هذه الضريبة ، وعلى سبيل المثال كان سعر الأضحية الإسبانية في عيد العام الماضي يساوي نصف سعرها هذا العام ، هذا بخلاف أسعار الأدوية وسلع أخرى كثيرة طالها لهيب ارتفاع الأسعار .
في حين لم يجد المواطن أي تأثير إيجابي لحصيلة هذه الضريبة التي فاقت 11 مليار دينار خلال 6 أشهر على حياته ، فواقع الحال ينبئ بأن المنظومة الإدارية للدولة هي التي استفادت من نتائج هذه الحزمة على حساب المواطن الذي اعطته الدولة بيد واحدة وأخذت منه ريع ما أعطته بيديها الأثنين .
ومادام طوابير المصارف مازالت قائمة ، والأسعار مازالت تثقل كاهل المواطن ، والتشوهات لم تختفي ، لم يعد لحزمة الإصلاحات الاقتصادية قيمة ، مالم تخضع وبشكل عاجل وفعال وشفاف إلى عملية إصلاح .