كان صادقاً في وعده
يونس شعبان الفنادي
يرحلُ الإنسانُ ويبقى صنيعه وعمله شاهداً على طيبة قلبه، وخلقه السوي، وسلوكه النبيل المجبول على القيم الإنسانية السامية المُحبة للخير، ومدِّ يدِ العون والمساعدة لكل الناس… فالباقيات الصالحات هي الأعمال التي تستمر وتتصل وعداها ينقطع وينفصل.
لا أدعي شرف معرفة عميقة بالصحفي الكبير الراحل محفوظ الأحول الذي يعد من المؤهلين المهنيين المميزين في المجال الصحفي، ولكنْ لازال في ذاكرتي الوهنة موقف شخصي يتيم أجد نفسي مديناً له به وهذا وقت الشهادة والإفصاح عنه.
فعندما تخرجتُ من كلية العلوم سنة 1984 كنتُ أطمح لمواصلة دراستي العليا، فتوجهتُ لرئيس القسم لتقديم طلب قبولي معيداً به. فأخبرني أنه لابد من نشر إعلان لقبول معيدين بإحدى الجرائد اليومية حتى تتاح الفرصة لجميع الراغبين من الطلبة المتفوقين. وفعلاً بادرتُ بالتواصل مع الأستاذ الراحل ضو المزوغي تيبار الذي كان آنذاك رئيساً لإدارة النشر والإعلام بالجامعة بطرابلس، فأعد لي رسالة وطلب مني التوجه بها إلى صحيفة “الفجر الجديد” .. لعلّي أجد مساعدة لنشر الإعلان بشكل سريع.
هناك في إحدى بنايات منطقة زاوية الدهماني بطرابلس قابلتُ لأول مرة الصحفي الراحل محفوظ الأحول فرحب بي، واستلم مني رسالة الإعلان، وأخبرني بأن هناك رسوماً لابد من تسديدها لكي يتم تصميم الإعلان ونشره. ولما كنتُ متعجلاً في طلبي، وعاجزاً عن تسديد تلك الرسوم، وهو توسم فيّ رغبة ولهفة، فأشفق عليّ، وطمأنني بأنه سيعد الإعلان كخبر، وينشره في ثلاثة أعداد وسيتحمل تبعات ذلك.
وفعلاً كان صادقاً في وعده. ووفياً لكلمته.
تم نشر الإعلان/الخبر بصحيفة “الفجر الجديد”.. وعقد القسم اجتماعه للنظر في طلبي وتم قبولي معيداً به وتسليمي رسالة رسمية بذلك موجهة لقسم المعيدين بالجامعة… إلا أن اللجنة الثورية بالكلية ..كان لها رأي آخر فلم توافق.
رحم الله الصحفي الكبير محفوظ الأحول الذي سيظل في ذاكرتي ما بقي في نفسي رمق وبقلبي نبض وحب .