باختصـــار
داحس والغبراء الليبيـــــــــة !
■ عصام فطيس
لم يأخذ الأمر أكثر من يومين ليطلق مجلس الأمن يوم الثلاثاء الماضي دعوة لطرفي النزاع في ليبيا إلى التوصل في اقرب وقت ممكن لوقف إطلاق النار ، وهو ما يعد الخطوة الأولى له إيذانًا بالدخول الفعلي لمقررات مؤتمر برلين حيز النفاذ . وجاءت هذه الدعوة نتيجة لاستمرار خرق الهدنة الهشة وتبادل الاتهامات من قبل كلا الطرفين وهو ما طرح علامات الاستفهام حول مدي جدية مقررات المؤتمر ، والدول الضامنة له ، التي أعلنت عبر بيانها عن رغبتها الجادة في وضع حد للصراع في ليبيا . ورغم التأكيدات الدولية بالسعي لوقف إطلاق النار وانطلاق العملية السياسية إلا أن حالة عامة من الإحباط أصابت قطاع عريض من الرأي العام الليبي الذي كان يتوقع أن يتمخض عن المؤتمر لقاء بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي و خليفة حفتر ، وهو الأمر الذي لم تنجح فيه المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل رغم محاولتها ذلك ، إضافة لاستمرار خروقات وقف إطلاق النار فالقذائف والصواريخ لا زالت تتهاطل ، وشحنات السلاح على عينك يا تاجر ، والتصريحات والتصريحات المضادة من كلا الطرفين، وهو ما يؤكد على ما أشرنا إليه في الأعداد الماضية من أنً الهوة بين الطرفين تزداد اتساعاً يوماً عن يوم ، ولا يلوح في الأفق أي تقارب بينهما في ظل تمترس كل طرف وراء مواقف مسبقة ، إضافة للشحن الإعلامي المبالغ به من قبل أبواق الفتنة عملت على تسميم الأجواء وقطعت الطريق على أي بادرة للتقارب .
وإذا كنا خلال الأيام الماضية قد تفاءلنا نسبيا بتمكن مؤتمر برلين من تحقيق اختراقات صغيرة في مواقف الطرفين وحدوث انفراجة نسبية، إلا أن ما خرجنا به من المؤتمر فيما يخص طرفي الصراع ، يؤكد صعوبة بقية المسارات التي ستنطلق الأيام القادمة ، ومن تابع لقاء الدكتور غسان سلامة في قناة فرانس 24 يدرك أن الرجل (متسفرتله عالآخر من الليبيين اللي يقابل فيهم) ومكمن انزعاجه الشديد يعود للتعصب للرأي وعدم قبول الآخر، وهذه المسألة ليست جديدة على الليبيين ، كيف لا وهي قد جاءت في النشيد الوطني!، ألم يقل الشاعر يا بلادي أنت ميراث الجدود، (وتصكير الرأس جينة ليبية بامتياز).
وبعد موسكو و برلين ونيويورك والجزائر التي شهدت الأسبوع الماضي مؤتمراً لدول الجوار الليبي ستتجه الأنظار إلى جنيف التي ستشهد لقاءات ليبية ليبية مع انطلاق المسار السياسي ، وهو المسار الذي يحتاج لنفس طويل من المتنافرين الليبيين ونفسا أطول من الغالبية الصامتة ، فجنيف ستكون مسرحا لداحس والغبراء الليبية في شكلها الجديد .