بصريح العبارة
الرمضاء بالنار !
■ عامر جمعة
لست سياسياً ولست ضليعاً في السياسة لكنني بحكم عملي طوال عقود كمعلم تاريخ وكصحفي مارس الصحافة سنوات طويلة أعطيت جزءاً من وقتي للسياسة من خلال ارتباطي بما يجري وجرى في بلاد العالم الإسلامي خصوصاً والعالم بصورة عامة فإنه ومنذ سقوط الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو فإن دولة واحدة هي من تنصب نفسها شرطياً على العالم وتتدخل عسكرياً هنا وهناك لتقصي كل من يخالف سياستها الرعناء وإن لم يكن الأمر بالتدخل العسكري كما حدث في العراق بحجة كاذبة عن وجود الأسلحة الذرية فإنها لا تتواني في تطبيق العقوبات الاقتصادية .
في ظل هذه السياسية كان لابد لدول معينة أن تسعى لإنهاء هذه الهيمنة خاصة وهي لديها الإمكانيات التي تجعلها قادرة على التصدي لهيمنة القطب الواحد ، ولذلك فإن روسيا مثلاً قد اتخذت خطوات ملموسة لإعادة هيبتها كدولة كبرى لها مصالحها تعرف وهي تماماً أن سياسة حلف النيتو تضعها في الصف الأول المعادي لتطلعات الحلف الذي امتد شرقاً بما شكَل تهديداً مباشراً لها .
الأوربيون عموماً لا يتوافقون تماماً مع سياسة واشنطن المعادية لروسيا ويرونها شريكاً مهماً في الحفاظ على أمن العالم وأمن أوروبا وهو ما اكده الرئيس الفرنسي في قمة النيتو مؤخراً خاصة مع وجود مخاوف من تقاربها مع الصين وإيران وكوريا الشمالية ووفقاً لهذه المتغيرات في العالم وفي تغاض تام للأمم المتحدة ومعاهداتها ومواثيقها ومع سيطرة الدول الكبرى على قرارات ما سمي بمجلس الأمن كان لابد من البحث عن تحالفات هنا وهناك كانت ضحيتها الدول النامية ودول الشرق الأوسط على وجه التحديد ولأن أمريكا لا ترى إيران إلاّ مصدر خطر على مصالحها في المنطقة وهي التي كانت طرفاً في الصراع مع أمريكا في سوريا فإنها تحالفت مع السعودية وجيرانها العرب الذين يتوافقون مع النظرة الأمريكية لإيران ويرونها خطراً أكبر من الخطر الإسرائيلي على أن ذلك لم يحل دون اتخاذهم سياسته حذرة من تركيا وعلاقات متوازنة مع روسيا والخلاصة أن الخاسر الأكبر هو دول منطقة الشرق الأوسط والخليخ العربي الذي تراه إيران فارسياً لأن الحرب وإن نشبت فستضر بالجميع وقد تحرق موردهم الاقتصادي الأول في الوقت الذي فيه بعيدة عن الدول الكبرى التي لا يهمها إلاَ الهيمنة على مقدرات الشعوب وفي كل الأحوال فإن العرب في ظل سياسة التبعية سيكونون هم الخاسر الأكبر والمؤشرات عديدة في العراق ولبنان واليمن وليبيا وسوريا وفي الجزائر ومصر وكل دول الخليج والمسألة كلها هي كمن يستبدل الرمضاء بالنار !