وقفة
إن التربية السليمة تستوجب معاملة خاصة بكل مرحلة عمرية من الطفولة إلى الشباب إلى الرجولة من حيث العناية والنصح والإرشاد والتوجيه ثم الاستقلالية في الرأي والاختيار الحر . واختيار التعليم المناسب والعمل الذي يرغبه من يزاوله حتى بناء الأسر واختيار شريك الحياة الذي يرتاح له شريكه في مجتمعنا الحرص الشديد على تربية الأبناء وتوجيههم قد وصل عند البعض إلى درجة الإستيلاء على عقولهم وحريتهم وإرادتهم وسلبها أياهم والوالدان لا يقصدان ذلك ولا يعلمانه . والسؤال المهم هل في ذلك واجب يستوجب القيام به ؟ أم هو تخلف وجهل واعتداء صارخ على خصوصيات الأبناء ؟!
إن الاستحواذ على حقوق الأبناء وعقولهم وتفكيرهم بداعي الرعاية والحماية والشفقة بحيث يعيش الفرد مسلوب الإرادة من حق تقرير المصير حتى أنه لا يستطيع أن يعتمد على نفسه ويخطط ويفكر ويتصرف في أية مسألة أو قضية تصادفه وتريد حلاً فيقف أمامها عاجزاً معدوم الحيلة حائراً يبحث عن أي مخرج ينتشله من أية ورطة فلا يجد حيث توصد في وجهه جميع الأبواب والطرق فلا منقذاً إلا العائلة أي الأسرة التي انشأته على ذلك النهج السلبي المقيت وهي التي ربته واختارات له مجال دراسته وعمله فالأب المزارع يمتهن أبناؤه الزراعة والتجار يورّثون أبناءهم التجارة والحرفيون هم كذلك . وعند بناء الأسرة يختارون الأصهار من الأقرباء والجيران والأصحاب الأعزاء والزملاء في المهنة هذا وقد أعدوا البيت وأثاثه وكل ذلك مقابل أن يتنازل الأبناء عن عقولهم وحقوقهم وآراءهم وعن قولهم لا أو حتى إبداء الرأي والمشاركة في تقرقر مصائرهم !
وقد يزوج الأسر ويطلقون ويحرمون ويطرون ويذمون ولا أحد يعترض !وهل هذا إلا التخلف والجهل بعينه ؟!
وقد يقول قائل هذا كان قديماً وأقول نعم ولكن لا زال في بعض الأسر وقد يكون ضعف الأحوال المادية دافعاً لذلك مما يضطر الأسر إلى بناء بيوتاً فوق بيت العيلة حيث يجعلوا الأم مثلاً تلاحظ أمام عينيها الكنة وهي مستحوذة على فلذة كبدها حسب رأيها فتولع في جأشها نار الغيرة مما يدفعها إلى أفعال تتنافى مع الإنسانية وتنغص حياة أبنها وأسرته مما يضطره أحياناً إلى بيته والاتجاه إلى الإيجار وهذا خطأ وجهل وتخلف بالتأكيد فعل الأسرة أن تعطى الأبناء براحاً ومساحة للتصرف وتولى شؤون أمرهم بأنفسهم والعيش كما يريدون ويحلولهم وقبول ذلك برحابة صدر لأن مساعدة الأبناء على الحياة والتمتع بها واجب وخصلة حسنة يحلو القيام بها لأننا أنجبنا الأبناء ليعيشوا زماناً غير زماننا فعندما نجدهم سعداء “مستعدين ” مع أزواجهم بأية طريقة كانت علينا الترحاب بذلك دون النظر إلى الغالب والمغلوب كما نرى نحن يجب أن ننظر إلى الحياة نظرة واقعية حقيقية ونعمل ما نستطيع من جهد وعمل معروف وجيد للجميع وخاصة الأبناء فلا نبخل عليهم بالنصح والإرشاد والتربية السليمة والتوجيه والمساعدة المعنوية والمادية متى أرادوا وقبلوا واحترام اختياراتهم ونظرتهم للحياة وعدم الإقلال منها واحتقارها بل التشجيع وزرع الثقة هو المطلوب واستشارتهم في أمور تخصنا والأخذ بنصيحتهم أحياناً وإطرائهم وشكرهم أمام الآخرين ومراعاة التزاماتهم وظروفهم وعدم تكليفهم بما لا يستطعون والدعاء لهم والاستشار والفرح والأبتسامة في وجوههم وأبنائهم .
وفي صلاة الصبح … ارفعوا ايديكم فوق … وادعوالهم بالربح !
