بحوث للترقية .. أم بحوث لتطوير المجتمع !!
البوصلة ..
جلال عثمان
غير وظيفتها التقليدية، وهي الدفع بآلاف الخريجين سنويًا، إلى سوق البطالة، تعتبر الجامعات مراكز بحثية، فنظام الترقيات لأعضاء هيئة التدريس، قد صمم بالأساس لدعم البحث العلمي، وسنويًا يقوم أعضاء هيئة التدريس بمئات البحوث، إن لم يكن الآلاف.
ولكن أين هي هذه البحوث، غير أنها تنشر في الدوريات المحكمة ؟!
هل وصلت بشكل مفيد للناس عبر وسائل الإعلام ؟
هل تحولت إلى وعي، ومعرفة تخدم المجتمع، أم هي فقط مجرد بحث للترقية الأكاديمية، والبرستيج الاجتماعي !!
لدينا آلاف المشاكل مثل تلوث مياه الشرب، الأغذية غير المطابقة للمواصفات القياسية، انبعاثات المصانع، تجريف الغابات، الإعلام الفاسد، الحوكمة غير الرشيدة، الفساد الإداري والمالي، ومئات المواضيع ذات العلاقة بالمواطن.
لماذا يترك أساتذة الجامعات المجال في القنوات الفضائية، ومحطات الراديو، ووسائل التواصل الاجتماعي للأدعياء، يملونها هرجًا ومرجًا، دون أدنى علم قد ينتفع به.
سنغافورة دولة لا يوجد بها نفط، ولا فوسفات، ولا حديد، ولا حتى مياه جوفية صالحة للشرب، وقبل نصف قرن لم يكن لها حضور على خارطة البحث، والابتكار، والحوكمة الرشيدة، والشفافية، بل لم يكن لها حضور في الجغرافيا، فهي نقطة صغيرة من المشاكل، فبالكاد تتجاوز مساحتها الـ700 كيلومتر مربع (ضعف مساحة مدينة طرابلس تقريبًا .. ولكن “لي كوان يو Lee Kuan Yew” أول رئيس وزراء لهذه الدولة ذات المدينة الواحدة، نقلها من العالم الثالث إلى الأول، بجيل واحد فقط، من الممتعلمين، والبحاث، وليس بجيل من المحللين، السياسيين، أو الموظفين الكسالى .. حيث كان التعليم هو استثمار سنغافورة الأول، ولا شيء غيرالتعليم.