استطلاع: فجوة الأسعار بين صدق الوعد ومتاهة الإنتظار
استطلاع
بعد أكثر من شهر على قرار توحيد سعر الصرف :
الأسعار .. بين صدمة الواقع وبين معسول كلام الشطار !
= مواطن .. لن نتوقع انخفاض في الأسعار في القريب العاجل لهذه الأسباب
= الوقت غير كاف لتقييم نتائج توحيد سعر الصرف
= جائحة كورونا أسهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعار السلع
عند التمهيد لقرار توحيد سعر صرف النقد الأجنبي ، كان من يصنفون أنفسهم تحت مسمى خبراء اقتصاد لا يتركون سانحة إلا وقاموا خلالها بطرح المزايا التي ستترتب على قرار توحيد سعر الصرف ، والتي من بينها انخفاض الأسعار وانتهاء أزمة شح السيولة النقدية ، ومنع الاعتمادات الوهمية ، إلخ من هذه المزايا .
وعند صدور القرار زادت وتيرة التشويق والإمتاع بإعلانهم عن مستوى الانخفاض المتوقع للأسعار جراء التنفيذ وقالوا بأنه لن يقل عن 30 بالمائة على أقل تقدير ، مثلما قالوا أن السيولة النقدية ستغرق المصارف إلى الدرجة التي ستعجز فيها عن استقبال المزيد !!
الآن وبعد مضي أكثر من شهر على إعلان مصرف ليبيا المركزي رسميا عن فتح منظومة الاعتمادات المستندية لكل التجار بلا استثناء وفقا للشروط القانونية المقرة وفقا لنص القرار .
لكن ماهو لافت لنظر المواطن هو الصورة المشوشة التي يراها على أرض الواقع ، حيث لا زالت أزمة السيولة تطل برأسها في أكثر من مصرف وفي أكثر من مدينة وبلدة ، كما أن أزمة ارتفاع الأسعار مازالت تضع رجلا على رجل بكل أريحية في أسواق الجملة وجملة الجملة !!
هل ماهو قائم الآن مجرد مرحلة عابرة تنجلي خلال الأيام المقبلة ؟ أم هي واقع سيظل قائما لأن الأسس التي بني عليها القرار لم تكن كافية ، وهي مجرد رؤى حالمة لم تضع المعايير اللازمة للحالة الليبية ، فكانت بالتالي مجر حبر على ورق .
هذا ماسنقرأه من خلال هذا الاستطلاع الذي أجريناه بصورة عفوية مع عدد من المواطنين بأكثر من محل تجاري وسوق :-
“اللي مايجي مع العروس مايجي مع أمها “
محمد بلقاسم – متقاعد .. ” المثل يقول اللي مايجي مع العروس مايجي مع أمها ” هذا ما افتتح به المواطن محمد حديثه عندما طرحنا سؤالنا عليه ، مضيفا أن قرار فتح الاعتمادات المستندية ” اللي ” هو عليه الحل والربط في موضوع انخفاض الأسعار من جهة ، ووفرة السيولة النقدية من جهة ثانية مر عليه الآن اكثر من شهر ومازالت الاسعار ملتهبة قياسا بالأسعار التي كانت سائدة في النصف الأول من العام 2020 ؟!! ، ماذا يعني ذلك ؟ في نظري أنا المواطن البسيط أرى أن قرار تحديد وتوحيد وتثبيت سعر صرف النقد الأجنبي زاد الطين بلة عما كان الحال عليه فبل صدوره ، فالأسعار لم تبلغ مابلغت من ارتفاع إلا بعد أن بدأ حديث المسئولين عن قرب موعد الاجتماع المخصص لتحديد وتوحيد سعر الصرف .
لن نتوقع انخفاض الأسعار لهذه الأسباب
عبدالقادر صالح – موظف .. قال لا أعتقد أن أزمة ارتفاع الأسعار ستحل قريبا ، ولن نتوقع انخفاض فيها لعدة أسباب لعل أبرزها عدم وجود منظومة تسعير بوزارة الاقتصاد ، وعدم فاعلية منظمات المجتمع المدني القائمة على أساس حماية المستهلك ، وعدم وجود قاعدة بيانات لدى وزارة الاقتصاد عن متوسط أسعار السلع حاصة الاستهلاكية منها ، والتي من خلالها يتضح إن كانت أسعار التوريد مبالغا فيها أم لا .
إن الناظر إلى ما آلت إليه الأمور بعد مضي أكثر من شهر على إقرار حزمة الإصلاحات الثانية إن جازت عليها هذه التسمية لا يرى أمامه دليل قوي على صحة تخمينات وقراءات من اتخذ قرار توحيد سعر الصرف . لأنها كانت مبنية على فرضية أن الأسعار التي كانت سائدة قبل القرار محسوبة على أساس السعر الموازي وليس على أساس السعر الرسمي المحمل بضريبة .
وهنا السؤال .. هل كانت الأسعار محسوبة فعلا على السعر الرسمي للنقد الأجنبي مضافا إليه الضريبة أم هو سعر النقد بالسوق الموازي ؟
الوقت غير كاف لتقييم نتائج توحيد سعر الصرف
الموطن عبد الناصر حسن – عمل .. حر يرى أن الوقت مازال غير كاف على تقييم نتائج توحيد سعر الصرف ، لعدة أسباب يأتي تخبط المصرف المركزي في تنفيذ قراراته في مقدمتها ، فقد تبين لنا أن المركزي لم يتقيد بالتواريخ التي أعلن عنها لفتح منظومة الاعتمادات المستندية ، وكذلك التلكؤ في فتح المقاصة بين جميع المصارف ، في الوقت الذي كانت فيه أغلب المصارف غير جاهزة للتعاطي مع متطلبات المصرف المركزي بالمرونة اللازمة التي تتطلبها المرحلة ، والدليل لا يخفى على أحد حيث لا زالت بعض المصارف ومن بينها مصرف الوحدة لم تتوفر لها السيولة النقدية نتيجة بعض العراقيل التي وضعها المصرف المركزي أمامها تأخرت بسببها عن البدء في بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية ، وكذلك فتح الاعتمادات المستندية .
جائحة كورونا أسهمت في ارتفاع أسعار السلع
أما المواطن عزالدين صالح .. موظف فقد قال أن الظرف الراهن سبب قوي في عدم انخفاض الأسعار ، لأنها مازالت محسوبة على الأسعار التي فرضتها جائحة كورونا على السوق عندما بدأ الناس يشترون الساع الاستهلاكية بكميات كبيرة كان لها تأثير سلبي مباشر على الأسعار ، وترافق هذا الواقع مع الإجراءات الأحادية من قبل المصرف المركزي بتحديد عدد معين من السلع المسموح بتوريدها ووفق اشتراطات لا تقدر عليها إلا شركات التوريد الكبرى ، كما أن تراجع الإنتاج العالمي من السلع وتوقف عدد كبير من الدول عن التصدير جراء الجائحة كان هو الآخر سببا في ارتفاع أسعار السلع من المصدر .
وخلاصة القول .. من المبكر الحكم على نتائج قرار توحيد سعر صرف النقد الأجنبي وفتح منظومة الاعتمادات المستندية إلا بعد مرور شهر أو شهران آخران على أبعد تقدير. وفي كل الأحوال هذه الأسباب لا تعفي المصرف المركزي ، ومن دافعوا على إجراءاته من اللوم والعتاب على عدم دقة مواعيده وتنبؤاته التي كانت مفرطة في التفاؤل أكثر من اللازم ، والتي كانت سببا رئيسا في شعور المواطن بعدم الارتياح لنتائج القرار .
” ياعازتنا في مخصصات أرباب الأسر “
ميلاد عبد القادر – متقاعد .. يا أبني ماذا تريدني أن أقول ” ياعازتنا في مخصصات أرباب الأسر ” كانت مدايرتلنا حل ، خاصة في المناسبات الاجتماعية المفاجئة والمرض والمناسبات الدينية ، كانت توسع علينا نحن أصحاب الدخل المحدود ، في ماذا يهمني توفرت السيولة النقدية أو لم تتوفر ، أنا راتبي محدود ولا يتجاوز 700 دينار ، ووفرة السيولة بالنسبة لنا محدودة الفائدة ، ولا تعنينا مخصصات العشرة آلاف لأنه لاقدرة لنا على شرائها . نحن نريد مرتبات تصرف في مواعيدها ، واسعار سلع ثابتة ومقدور عليها .
لقد أصبحنا ننظر للحم الطازج والفواكه من وراء الزجاج فقط ، حيث لا قدرة لنا على شرائها .
تمنينا الإبقاء على استثناء وحيد في القرار وهو الإبقاء على مخصصات أرباب الأسر ، واعتبارها كدعم مالي لعدد كبير جدا من أصحاب الدخل المحدود لمجابهة المتغيرات الكبيرة في أسعار السلع والخدمات ، والتي لم يعد المستوى الحالي لمرتبات الخدمة العامة قادرا على مجابهتها.
استحقاقات مهمة لم توضع في الحسبان
الحاج عبد الكريم إمحمد – متقاعد .. استرعى انتباهه حواري مع أحد المواطنين بأحد محال منطقة الكريمية فدخل على خط الحوار قائلا: بالله عليكم أنتم ياصحافة ويا إعلام ركزولنا شوية على موضوع السيولة النقدية في الدواخل ، مضيفا أن المصارف في مناطق الدواخل لا تتوفر لها المرونة التي تتوفر لمصارف المدن الكبيرة خاصة طرابلس ، فلا السيولة النقدية تتوفر بالقدر الذي يتوفر بمصارف طرابلس ولا الخدمات الإلكترونية متاحة بالشكل الذي يحقق الغاية من وجود هذه المصارف ، فلا السيولة النقدية متوفرة ولا المنظومة تعمل ، والحجة دائما هي ” مافيش إنترنت ” !!؟.
ولا أخفي عليك أن هذا الواقع الذي نعيشه منذ سنوات جعل الكثيرين منا يضطر لفتح حساب جاري بأحد مصارف طرابلس ليتمكن من الحصول على السيولة الكافية عند توفرها، وهو أمر فرضته الظروف علينا بما فيه من تعب وضياع للوقت والجهد .
واختتم الحاج عبد الكريم كلامه بالقول: لا أعتقد أن مسألة توفر السيولة ستحل بسهولة في كافة أنحاء البلاد مالم يصاحبها اهتمام بالجانب التقني والجانب الأمني، وللأسف يبدو أن هذه الاستحقاقات لم توضع في الحسبان.