وجهات نظر حول قرار تحديد عمر السيارات المستعملة:
في غياب حزمة مواصلات عامة يعول عليها.. هذا القرار ليس حلا
لا نكره اقتناء سيارات جديدة لكن العين بصيرة واليد قصيرة
كثرة الحوادث بالطرقات العامة لا يجب أن تحمل على السيارات المستعملة المستوردة
بعد رفع سعر الدولار وزيادة سعر النقل البحري سنعجز حتى على اقتناء سيارات مستعملة
المطلوب إيجاد الحلول قبل إصدار القرارات المرتبطة بحاجات الناس وقدراتهم المادية
بات المركوب الخاص في قائمة أولويات الأسر الليبية ، حيث في غياب منظومة مواصلات عامة بعول عليها أسوة بما هو موجود بكل بلدان العالم من حافلات ومترو علوي وسفلي وقطارات، اصبح اقتناء سيارة خاصة بكل فرد من أفراد الأسر الليبية يعمل أو يدرس أمرا ضروريا حتى يوفق في مواعيده والتزاماته.
وفوق هذا نجد أن أغلب المصالح الحيوية من وزارات ومصارف ومكاتب خدمة وجامعات ومعاهد تتركز في نطاق جغرافي محدود داخل المدن الليبية الكبيرة عامة ، وفي طرابلس خاصة .
وبالتالي لا مناص من القبول بهذا الواقع إلى أن يتغير إلى واقع أفضل من حيث مساحات الطرقات العامة والشوارع الفرعية، بفتح مسارات جديدة واستكمال البنية التحتية في قطاع المواصلات ومن بينها الطريق الدائري الثالث في مدينة طرابلس، وتوفير وسائل نقل عامة ذات فاعلية يمكن للمواطن أن يعول عليها كبديل مجد للسيارة الخاصة.
هذه الحاجة التي فرضت على المواطن اقتناء سيارة خاصة على حساب حاجات أخرى داخل بيته لاتقل أهمية عن حاجته للسيارة، لم تتوفر معها القدرة المادية على اقتناء سيارة جديدة جراء ارتفاع أسعارها من جهة ومحدودية الدخل لفئة كبيرة جدا من أفراد المجتمع، وهو ما أجبرهم على اقتناء السيارات المستعملة الموردة من أوروبا دول أوروبا أو من كوريا الجنوبية ، والتي أسعارها هي الأخرى ليست في متناول الجميع، إلا أن وجودها يتيح الفرصة لاقتناء واحدة منها.
وهو ما أضحى حالة متعارف عليها، لها أسعارها وأسواقها، وبالتالي عمل أصحاب محال قطع الغيار التعامل مع هذا الواقع بتوفير قطع الغيار الازمة لصيانة هذه السيارات التي انحصرت في موديلات وأنواع محددة.
ونتيجة للازدحام في الطرقات الذي عزاه البعض من المسئولين إلى الوفرة الزائدة عن حدها لهذه السيارات، الأمر الذي جعل الجهات التنفيذية تصدر قرارا بمنع استيراد السيارات المستعملة التي يزيد عمرها عن عشر سنوات، وتم تجميد العمل به لأكثر من مرة، إلا أن منع الاستيراد هذه المرة لم يصدر ما يفيد تجميده أو تأجيل العمل به.
هذا الأمر خلق قلقل وربكة في سوق السيارات المستعملة وفي أسعارها التي بدأت تشهد ارتفاعا ملحوظا.
صحيفة ليبيا الإخبارية حاولت سبر آراء عدد من المواطنين بشأن هذا الإجراء، ومدى جدواه فجاءت المحصلة لهذا الاستطلاع على النحو التالي:
السيارات المستعملة لا تتحمل وحدها كثرة الحوادث
محمد عاشور .. موظف .. قال لا خلاف على أن السيارات المستعملة الموردة من الخارج لها أضرار مختلفة تزيد حالة الطرقات المتهالكة من حدتها، إلا أن كثرة الحوادث لها أسباب أخرى لا تتحمله السيارات القديمة الموردة من الخارج وحدها، فعدم الالتزام بالقواعد المرورية، وعدم وجود عقوبات جادة ورادعة للمخالفين وانعدام الإنارة بمعظم الطرقات السيارة لها دور كبير في ذلك.
ومادام المواصلات العامة غير متوفرة، فاستيراد السيارات المستعملة أمر لابد منه لتوفير الطلب كون السيارات سلع لا تقل استهلاكا عن غيرها من السلع، ومنع استيراد موديلات معينة سيتسبب في رفع اسعار قطع غيارها، الأمر الذي سيزيد من أعباء أصحاب هذه السيارات وهم من أصحاب الدخل المحدود.
لا نكره اقتناء سيارة جديدة .. ولكن؟
عز الدين صالح .. رب أسرة – موظف .. يا أخي هل هناك من يكره اقتناء سيارة جديدة ؟ لكن كما ترى حال الموظف في الدولة الليبية عينه بصيرة ويده قصيرة ، فمن أين له اقتناء سيارة جديدة أقل سعر لأقل الموديلات متانة وقوة لا يقل عن 60 ألف دينار ، فمن أين سيتدبره محدود الدخل وهو بالكاد يقدر على توفير احتياجات البيت من المستلزمات الغذائية الضرورية، وحتى السيارات المستعملة لا يتوفر ثمنها لأغلبنا الأمر الذي يجبرنا على الاشتراك في جمعيات بمبالغ بسيطة حتى نتمكن من توفير ثمن سيارة مستعملة سهرها لايتجاوز 10 آلاف دينار.
تشكيل لجنة فحص أجدى من قرار المنع
اما المواطن نور الدين المشاي، حين سمح الحوار الذي جرى قبالة إحدى أسواق الخضار تداخل معنا بتلقائية قائلا: كويس أن تتطرق صحيفتكم لهذا الموضوع بالغ الحساسية وسوء التقدير من بعض العامة والمسئولين على حد سواء.
قلت له هل لك أن توضح وجهة نظرك؟ فقال .. ياأخي من منا لا يعرف حاجة المركوب للمواطن الليبي، فهي تكاد تكون الوسيلة الوحيدة للتنقل وقضاء الحاجات ، وكلنا يعرف عاداتنا الاجتماعية التي تستلزم تبادل الزيارات مع الأقارب ، وزيارة الأهل في مدننا وقرانا في المناسبات وغير المناسبات، ومن منا ليس لديه ابن أو ابنة تقرأ في معهد أو جامعة يتطلب الذهاب إليها في الوقت المحدد يتطلب وسيلة نقل تحت الطلب.
يا أخي هناك من يرى أن السيارة من الكماليات في حين هي حاجة ماسة ربما أكثر من أشياء أخرى ضرورية، لذلك لا يجب التغاضي عن أهمية وفرة هذه الحاجة حتى ولو كانت مستعملة .
وهذه الوضعية تتطلب من الجهات المعنية إعادة النظر في قرارها بشأن تحديد عمر السيارات المستعملة الموردة من الخارج، وتشكيل لجنة فنية بدلا عن ذلك تتولى فحص السيارات المستعملة الموردة من الخارج وتحديد مدى صلاحيتها، حتى ولو كان ذلك بمقابل قبل الإفراج عنها دون النظر لعمر السيارة ، فأحيانا نجد سيارات مستعملة عمرها تجاوز 15 سنة أو أكثر مازالت في حالة جيدة جدا قياسا بسيارات موردة لايزيد عمرها عن 10 سنوات وربما أقل، ولا بأس من مصادرة السيارات المتهالكة.
لا لإصدار القرارات دون دراسة مستفيضة
ومن أمام مصرف الوحدة شارع الاستقلال سألنا المواطن محمد المهيدوي عن رأيه في القرار الذي يشترط عدم دخول السيارات المستعملة التي يزيد عمرها عن 10 سنوات .. شرد قليلا ثم قال .. لا أدري لماذا الجهات العامة دائما ماتضع حاجات المواطن في آخر قائمة اهتماماتها؟ قلت له.. هل من توضيح؟ فقال ياأستاذ قام المصرف المركزي بخفض سعر الدينار الليبي أمام النقد الأجنبي بقيمة كبيرة جدا وبحجج واهية انعكست سلبا على مستوى معيشتنا إلى درجة أننا تنازلنا مكرهين عن حاجات ضرورية من بينها اللحوم الحمراء وبعض أنواع الفواكه والأجبان !! وعدم اكتراثها لتردي الخدمات الطبية العامة وللنقص الحاد في الأدوية بالمستشفيات العامة الأمر الذي يستهلك جزء كبير من مدخراتنا إن وجدت ومن مرتباتنا التي لم تعد تكفي لسد رمق الكثير من الأسر لمدة عشرة أيام وليس شهرا!! عندما يتعرض أحد أفراد الأسرة لمرض يستوجب العلاج.
وفي رأيي أن الدولة بدلا من إصدار القرارات كيفما اتفق، عليها ان تضع في الاعتبار مستوى الفائدة من إصدارها، وكذلك مستوى الضرر الذي يلحق بالمواطن جراء ذلك.
وهنا أقول للجهة التي أصدرت هذا القرار، عليك بتوفير البديل المقدور عليه للمواطن ، وليس قفل الأبواب بوجهه، فليس كل مواطن وزير أو مسئول تتاح له فرصة امتلاك سيارة جديدة، والتمتع بقيادة السيارات الفارهة المشترات من خزينة الشعب، وتستكثر على ذوي الدخل المحدود شراء سيارات مستعملة عانوا الأمرين كي يتدبروا أثمانها.
مبررات المنع غير دقيقة
المواطن علي عبد السلام .. حول هذا الموضوع قال .. الصراحة مبررات تحديد عمر السيارات المستعملة الموردة من الخارج غير دقيقة ، فهناك سيارات لايزيد عمرها عن عشر سنوات لكنها مستهلكة بشكل كبير، كونها كانت تستخدم كتاكسي أو لدى الشرطة ، في حين هناك سيارات من موديلات أقدم منها بكثير مازالت في حالة جيدة جدا نتيجة قلة استعمالها من جهة ونتيجة حفاظ مالكها عليها من جهة ثانية ، وهنا ينطبق مفهوم كلمة مستعملة على الحالتين رغم التناقض، كما أن ليست كل أنواع السيارات الجديدة تمثل حلا ، ولنا تجربة مع كم هائل من السيارات التي استوردت من الصين في فترة ماضية، وتبين رداءة صنعها، وطالما الوضع الراهن الذي لا تتوفر فيه وسائل نقل عامة يعول عليها، فبلا بديل عن السيارات الخاصة المستعملة لأن أغلب المواطنين من ذوي الدخل المحدود وإمكانياتهم لا تسمح لهم بشراء سيارات جديدة.
قرار قفي غير وقته !!
الأخت هبة محمود – موظفة .. أدلت برأيها في الموضوع فقالت .. أمنيتي أن اشتري سيارة جديدة، وكنت أمني النفس بها بادخار حصتي من مخصصات أرباب الأسر على أمل أن أتدبر ثمن الأرخص سعرا منها في السوق المحلي، لكن هذا الحلم تبخر بعد زيادة سعر الدولار وإيقاف صرف مخصصات أرباب الأسر، ولم يعد لنا من حل سوى السيارات المستعملة المستوردة من الخارج، التي هي الأخرى سنقف عاجزين علة اقتناء واحدة منها بعد أن ارتفع سعر الدولار الذي سيزيد من تكلفة هذه السيارات، خاصة أن الشحن البحري هو الآخر زاد سعره.
الصراحة .. أرى قرار تحديد عمر السيارات المستعملة المستوردة أتى في غير وقته، ولا يتوافق أبدا مع مستوى الدخل لأغلب أفراد المجتمع، وليس له مبرر أصلا طالما لا توجد وسائل نقل عامة منتظمة ومنظمة يمكن التعويل عليها، وعلى الجهة التي أصدرته إعادة النظر فيه لأنه سينعكس سلبا علينا.