بالمثقفين تعبر الأمم والشعوب أزماتها
د. سلامة الغويل
للأمانة ومنذ تولي مهامي بوزارة الثقافة والتنمية المعرفية، كنت حريصاً على قراءة المشهد الثقافي الراهن، والتواصل مع عدد من الزملاء الأفاضل، وبالفعل تواصلت مع رموز ثقافية وإبداعية، أتوسم فيهم خيراً، فهم قوة إضافية للوطن من خلال مكانتهم في المجتمع وعبر نتاجهم الإبداعي، ومن حقهم علينا في نفس الوقت أن نجبر خواطرهم ونضعهم في أعلى المراتب، وبالتالي يكون الهدف واحداً وهو النهوض بالثقافة، من أجل رفعة الوطن الغالي والنتيجة ستكون في النهاية تحقيق تطلعاتنا في إعادة الثقافة للواجهة.
يمكنني القول وبعد لقائي بنخبة من المثقفين والأدباء والمبدعين والقامات العلمية السامقة، أننا قادرون على استحضار مشروع فكرى حضاري، يتعامل بإبداع مع متطلبات العصر وتحولاته، ويواجه التهميش والإقصاء والفساد، ويملك الرؤية النافذة، والإرادة والآليات اللازمة.
قد يتراجع في كل بلدان العالم الدور الفاعل الذي كان يلعبه المثقف في مجتمعه، بفعل بعض العوامل سواء الموضوعية أو الذاتية، من بينها الفجوة بين التنمية والثقافة، أو غياب المشروع الثقافي النهضوي، ما ينعكس سلباً على النتاج الثقافي.
وفي الحقيقة أننا نجد ألف عذر للمثقف في بلادنا أمام الظروف المحيطة بكل جوانبها الاجتماعية والنفسية والمادية، وكذلك في ظل التحولات المتسارعة من حوله.
وفي الواقع إن طموحنا في وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، لا ينتهي في تحديد المفاهيم والقيم وتطوير المنظومات المعرفية، من أجل الاستجابة للتحديات، وتحويلها إلى فرص، وإصلاح الظواهر السلبية في المشهد الثقافي، بل إن الهدف هو تعزيز قيم الدولة الوطنية والمواطنة، والثقافة النقدية والنهوض والتجديد الحضاري، وهذا لن ننجح في تحقيقه إلا من خلال مثقفينا ومبدعينا، وقد لامست من خلال لقائي معهم الرغبة الجامحة والقدرة على التغيير والنهوض بالثقافة من جديد، وهذا هو دور المثقفين والمبدعين في الأزمنة الصعبة، فدورهم الأكثر خطورة في حياة الأمم والشعوب.