استهلال
■ خليفة الرقيعي
أولى خطوات التصحيح
إزاء العجز الهائل الذي حَّل بموازين مدفوعاتنا إلى الحد الذي عجزت فيه الدولة عن تغطية تكاليف المواد الأولية الضرورية من مواد صحية وأدوية وقطع غيار وصيانة وتشغيل منشآت المشاريع القائمة والمنشآت الحكومية العامة، يستوجب اتخاذ وتطبيق سياسات تصحيحية هيكلية تحد من هذا العجز المطلق ، جميع التدابير التي أتخذتها الحكومات المؤقتة ، قديماً وحديثاً ، لم تستطع حل مشاكلنا وأن كل محاولاتها لم تثمر بل خلفت من جرائها مزيداً من الفشل وترتبت عليها سلبيات أكثر . فالمعانات التي يعيشها شعبنا تتعاظم في تنوعها وأصحابها حتى أصبحت بالغة الخطورة إلى حد قد تتعذر فيه الحلول وتتحول إلى استحالة توقع تحسنها تحسناً محسوساً وملموساً .
ما يراه الكثير منا في هذه السياسات تحايل على نصيب الفقراء من خيرات هذا الوطن الغني الكريم ، ويتجسد هذا التحايل في إفلاس البنوك وتزايد نسب البطالة وانتشار الجريمة وتهميش العامة من أجل قلة قليلة من الخاصة ، ففي الوقت الذي يعاني فيه السواد الأعظم من الأسر الليبية إلى أبسط مقومات الحياة من مواد غذائية وأدويه وسكن، تتمتع فيه الأقلية برواتب شهرية خيالية وأمتيازات مادية سلطوية أسطورية مكنتهم من شراء اليخوت والسيارات الفارهة والبيوت الفخمة والطائرات الخاصة والأسلحة المتنوعة .. لذا نرى أولى خطوات التصحيح هو العودة إلى تطبيق فلسفة وضع سقف على الرواتب الشهرية وإعادة المال العام المنهوب في الداخل والخارج ، وإعادة سيطرت الدولة على كل نشاطات الاستيراد والتوريد ، وإعادة ترميم الأسواق العامة وتفعيل الدعم الكامل للمواد الأساسية الغذائية وتوزيعها عن طريق الجمعيات ، في كل المدن والقرى الليبية حتى يتسنى للفقراء، أسوة بالأغنياء ، إطعام أطفالهم وضمان قوتهم اليومي الأساسي أعلم أن اقتراح الحلول أسهل بكثير من تنفيذها على أرض الواقع … ولكن نرى أنه لا خيار لنا للخروج من صماء البؤس الذي يشدد من قبضته علينا ، نحن نرد ، وبقوة ، باتساع الهوة بين الغني والفقير ، ونشجب شهوة الربح المبالغ فيه عند التجار والمخابز ، ولابد من القضاء على مجرمي التهريب قطاع الطرق والمستهترين بأمن المواطن والقصاص منهم عاجلاً أم أجلاً ، نحن على يقين أن أي حكومة قادرة على تصحيح المسار إلى الأحسن إذا ما صدقت النيّات .