ليبيا والقارة السمراء والتحديات الصحية
القارة الأفريقية التي تتمتع بخيرات طبيعية متنوعة لا حد ولا وصف لها ، ولكن لظروف الاستعمار ، وما ترتب من متلازمة الفقر والجهل والمرض ، مما فاقم من التحديات الصحية ، نظرًا لأنتشار الأوبئة الفتاكة ، وقلة الموارد ، وهجرة العقول والعناصر المؤهلة ، وللأسف إن افريقيا بها ربع الأمراض التي يصاب بها سكان ألعالم وفيها 3% فقط من الأطباء بحد اقصى من أطباء العالم ، والأقل عالميا في عدد التمريض بالنسبة للسكان ، وكذلك الأقل في السعة السريرية وتوزيعها ، وبالتالي الأقل في عدد المستشفيات وتجهيزها ، وتفتقد للكثير من التخصصات الطبية الدقيقة والمتطورة ، وتعاني من هجرة الأطباء والتمريض في الوقت الذي تحتاج فيه إلى أكثر من 100 ضعف مالديها الان من أطباء وتمريض وفنيين مؤهلين ، وسعة سريرية ، وفي هذا الوقت أفريقيا في حاجة لأكثر من خمسة ملايين من الكوادر الطبية والتمريض والقبالة المؤهلين ، وتعاني من النقص في الأدوية العامة والتخصصية ، والتحصينات من كل الأمراض المعدية ،لأنها تعاني من الأمراض الوبائية ، ولازالت تعاني القارة الافريقية من تزايد وفيات الأمهات وحديثي الولادة ، وأكثر من 40% من وفيات الاطفال أقل من 5 سنوات ، وتسجل القارة أكثر من 20%. من وفيات حديثي الولادة في ألعالم . وللاسف 2 مليار نسمة في افريقيا غير قادرين على الحصول على الأدوية الأساسية ، ونصف السكان لا يحصلون على الدواء بانتظام ، ولا توجد ضمانات جودة لمًا يورد لأفريقيا من أدوية ، والمصالح الاقتصادية للدول الأجنبية والشركات من خارج القارة غالبة عن سلامة المرضى ، في الوقت الذي يستحق الأفارقة نفس الحماية التي تتمتع بها الشعوب الأخرى في اوروبا وامريكا وغيرها ،
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة الصحية التي تواجهها أفريقيا ،
الا أن المزايا العالمية المتوفرة الان لم تكن متاحة منذ عقود طويلة وهي الطرق الوقائية والتشخيصية الدقيقة ، والعلاجات الأكثر فعالية . وتطور التكنولوجيا الصحية ، فقط في حاجة لتوفير الموارد اللازمة واستخدام الآليات المتاحة لنشرها بشكل مناسب ، لتحقيق الوصول الى الصحة .
وبالإمكان تعزيز حالة النظم الصحية وصحة الناس في أفريقيا ومنها ليبيا إذا كانت المؤسسات التنظيمية قوية ، وتركيز وتوزيع الأوصول معتدل ، والوصول الى الخدمات الصحية غير مقيد ومتساوي جغرافيا وديموغرافيًا ، وإذا توفرت شبكات الآمان الاجتماعي للجميع ، ولا توجد أي قيود على الانفتاح على العالم وتطورات الخدمات الصحية ، وضمان الوصول العادل للتقنية والتكنولوجيا لأفريقيا ، وإذا حدثت بعض التغييرات الثقافية المتأصلة عند بعض المجتمعات الأفريقية المخالفة للسلوكيات الصحية والمسببة للعديد من الأمراض.
ولكي تعمل النظم الصحية بشكل أمثل ، يجب أن يكون لها القدرة على تحقيق العدالة والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية لكل الناس في كل الأماكن ..
ولأن النظم الصحية أكثر من مجرد رعاية صحية ، بل تشمل تعزيز الصحة وتمكين الناس من صحتهم ، والوقاية من الأمراض ،
وأن الصحة المحسنة تساهم في الرفاه الاجتماعي ، من خلال تأثيرها على التنمية الاقتصادية والقدرة التنافسية والإنتاجية ، والنظم الصحية القوية المتماسكة عالية الاداء تساهم في هذه العملية…
وللأسف كلما انخفض الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفرد كلما كانت صحته اسواء ، وهناك تدرج من أعلى لأسفل الطيف الاجتماعي والاقتصادي ، وهذه ظاهرة عالمية وليست مقصورة على أفريقيا لوحظت في البلدان المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة الدخل ..
والفقر بأعتباره نذيرا للمرض وسوء الصحة ، وهناك علاقة ثنائية بين الدخول والقدرات وبين الصحة واعتلال الصحة ، وكل منهما يقود للآخر ، ويزداد سوءاً عدم القدرة للوصول للخدمات الصحية لشح الموارد أو للمسافة أو تغطية مادية او خلافه ..
وحيث أن نصف الدول العربية تقع في أفريقيا ، وبالتعاون الجاد بين الدول العربية والافريقية سوف تتحقق نهضة تنموية شاملة ، وتشهد النظم الصحية العربية والأفريقية تطورا غير مسبوق ، لما ما لديهم من مقومات كبيرة ، لا تحتاج إلا إلى حسن التوظيف ، والانطلاق في مشاريع تنموية في مجالات التعليم والتدريب المهني الطبي والصحي ، وإعتماد مشاريع إصلاح وتطوير النظم الصحية ، وتوطين الصناعات الدوائية واللقاحات والمستلزمات والمعدات الطبية داخل القارة السمراء الفتية ، وتشجيع الاستثمار الحقيقي في القوى البشرية ، والبحث العلمي للاستفادة من الموروث التقليدي العربي والافريقي ، ونقل التكنولوجيا المتطورة وتوطينها بعقول عربية وافريقية متمسكة بأوطانها وخدمة المجتمع ، وضرورة توحيد الجهود العلمية والفنية في المجالات الصحية بين القطاعات الصحية والتعليمية والاقتصادية العربية والأفريقية ، والحرص على دعم الملتقيات العلمية والصحية والاقتصادية ، ودعم البحوث والدراسات العلمية ، ورفع درجات الترصد والتقصي والانذار المبكر وتبادل المعلومات بخصوص الأوبئة والامراض المعدية وانتشارها ، وتوحيد الجهود لمكافحتها ، ودعم مراكز الرقابة على الأغذية والادوية ، والتكاتف لمجابهة انتشار وتسرب الأدوية المغشوشة والمزورة والمقلدة ، وتشديد الرقابة الصحية على الحدود والمنافذ ، وليبيا مقصد ومعبر للبضائع والبشر ، ويتواجد بها لاجئين من البلدان الافريقية لمن هجرتهم الحروب والصراعات الداخلية ، أو بحث عن فرص العمل ولهم الحق في التغطية الصحية لحمايتهم وحماية السكان من إنتشار الامراض..
وقبل ستون عاما عانت بلادنا من ما تعانيه معظم الدول الافريقية الآن من انتشار للأمراض وانعدام للخدمات الصحية ،
وبالامكانات والعقول العربية والأفريقية تتحقق التنمية بالنهوض بالخدمات الصحية على كامل تراب القارة السمراء ويتحقق الرفاه للجميع وبالجميع ..