كتاب الرائ

يوم الغذاء العالمي


يحتفل ألعالم في يوم 16 أكتوبر من كل عام بيوم الغذاء أو الطعام العالمي ،
اليوم الذي أقرته منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو ) في نوفمبر 1979 بمشاركة 150 دولة ، وكان بمناسبة تأسيس المنظمة في عام 1945 ، وكان أول احتفال بيوم الغذاء العالمي في عام 1981 ، ويأتي هذا العام تحت شعار ( الحق في الأغذية من أجل حياة ومستقبل أفضل )، وأخوتنا في غزة لعام ويزيد ويستمر تحت حصار جائر وحرمان من كل أصناف الغذاء ويرتكب العدو الصهيوني جرائم الحرب البشعة ضدهم باالتجويع الممنهج ، وتدمير مخازن الأغذية التي تديرها منظمة الانوروا الأممية ، وتدمير المخابز ومحلات المواد الغذائية والأسواق بمن فيها ، وقامت بتجريف الحقول وقتل مزارعيها ، وحرق أي مكان يستخدم لإعداد الطعام للملايين من النازحين في العراء ، ويمنع العدو الصهيوني المواد التموينية عن المستشفيات ، ويعاني جميع سكان غزة سوء التغذية وما ترتب عنها من أمراض قاتلة سببت في وفيات العديد من الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل ، ويتعرض أخوتنا اللبنانيون الآن للنزوح في أماكن الإيواء المكتظة مع النقص الحاد في الغذاء الكافي المتوازن ، والملايين من اشقائنا من بعض الدول العربية يعيشون في مخيمات بدائية نازحون ومهاجرون ، وهذه المآسي التي يمر بها أخوتنا وأشقائنا بفلسطين ولبنان والسودان واليمن والصومال ، وكثير من الدول العربية ذوي الدخل المحدود ، والذين يمرون بظروف اقتصادية صعبة ، ويتراى لنا أننا لسنا ببعيد عن أزمات غذائية صعبة قد نمر بها قريبًا جدا ، مما يذكرنا بموجات الجوع والفقر والقحط والجدب التي مرت بهما بلادنا في فترات زمنية من تاريخ ليبيا ، ونذكر منها على سبيل المثال الأعوام العجاف في 1783 – 1786 والتي سبقتها أعوام من النكسات ، وكانت مجاعة وفقر أدت لإنتشار أمراض فتاكة ، وكانت بسبب ضعف الحاكم ونفوذ الحاشية وإحتكار الأجانب للأعمال التجارية ، فزادت الصراعات بين الناس وأدت للهجرات ، وتوالت المجاعات في 1839- 1840 – 1841 نظرا لندرة الأمطار والجفاف الذي أستمر لسنوات ، واختفت السلع من الأسواق وعجزت الناس عن تلبية احتياجاتها الغذائية الضرورية ، وسببت في العديد من الاضطرابات والفوضى ، واهمال النظافة العامة ، وزاد الفقر والبطالة ، وزادت قرى الصفيح والعشش ، وقلت الأغذية الأساسية مما انعكس على الصحة وسبب في موت 50% من الأطفال وانتشر الدرن ( السل ) والحصبة والسعال الديكي ، واعتلال الغدة الدرقية ، وأمراض العيون والكوليرا والطاعون والجدري ، ولجاء الناس للسحر والشعوذة ، والإعتماد على الطب الشعبي ، ومرت ليبيا بموجة أخرى صعبة في فترة نهاية الحرب العالمية الثانية وأمتدت المجاعة إلى عام 1947 ، وكانت فترة سيئة وصعبة على أهلنا ، وسمي بعام الشر والجرامات ( القرامات ) ، وأعتمدت البلاد على المساعدات والمعونات من المنظمات الدولية وامريكا وبريطانيا وغيرها ، وأستمر الدعم للوجبات الغذائية المدرسية إلى عام 1971 ، والحمدلله بداءت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتحسن ، وتحققت مؤشرات عالية في الغذاء والدواء وشبكات الحماية الاجتماعية وانعكاساتها على الصحة العامة ومؤشرات الوفيات والمواليد ومتوسط العمر ، وعاش المجتمع لسنوات تحقق فيها التنوع والتكامل الغذائي في الحقول والأسواق وعلى موائد كل الناس متساوية ، وجميعهم كانوا قادرون على تحمل تكلفة المعيشة والغذاء المتوازن المتكامل في مقدمتها ….
وتوفر الغذاء تتحكم فيه عوامل عديدة منها الدخل والأنفاق والأسواق وضوابطها وسلاسل الإمداد وسلامة الغذاء والتخزين والنقل والاعداد والطهي ، والمتاح من أراضي قابلة للزراعة ، وثروات طبيعية وحيوانية متعددة ، واستقرار وعدالة ، وحماية إجتماعية التي تجعل جميع الناس في جميع الأوقات قادرة على إمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وكذلك أفضلياتهم الغذائية من أجل التمتع بحياة صحية ، مع العلم أن أكثر من 1/3 العالم محرومين من الغذاء المنتظم والكافي والمغذي ، و 72% من سكان البلدان المنخفضة الدخل لا يستطيعون تحمل تكلفة الغذاء الصحي المتوازن ، و أكثر من 42 دولة تعاني من الجوع ، و 9 ملايين يموتون سنويا بسبب الجوع ، ومئات الملايين يحتاجون للمساعدات الغذائية الطارئة ، ومن بينهم الملايين الذين هجرتهم الصراعات والحروب والأزمات الاقتصادية ، في الوقت الذي يتاح في العالم ما يكفي لإطعام جميع سكان الأرض ، وما يتم هدره من الطعام يصل الى 30 و 40% من مخصصات الغذاء في بعض الدول الغنية ، وما يصل الى أكثر من 1.5 مليار طن يهدر سنويا ..
وللأسف الحق في الغذاء الكافي أصبح بعيد المنال لمليارات من البشر ،
والغذاء السليم الكافي المغذي المتوازن الصحي أساسي لصحة وحياة الناس ..
من لا يملك غذاؤه لا يملك قراره ولا مستقبل له ولأبنائه..
د. علي المبروك أبوقرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى