متحدون بتفردنا
د.علي المبروك أبوقرين
يمر اليوم العالمي للسرطان هذا العام بشعار ( متحدون بتفردنا ) للتركيز على زيادة التوعية والاهتمام بالإنسان الذي يمر بتجربة الإصابة بمرض السرطان ، وما يعيشه في رحلة مؤلمة بين الالم والأمل والصمود والخوف والحزن ، والانتكاسة والتعافي ، الشعار شارح لنفسه ، والحث على الاهتمام بالرعاية المرتكزة على الشخص والإنسان والكرامة ، والاحتياجات النفسية والاجتماعية والاقتصادية ، كل تجربة على حدة هي قصة انسانية مؤلمة ومختلفة عن غيرها ، وكل مريض في حاجة للتعامل معه كشخص ذو أهلية وكرامة وإنسان له حق اصيل في الصحة والحياة والرفاه ، كلنا فقدنا اقارب وأصدقاء وزملاء وجيران ومعارف اعزاء علينا ، وعشنا معهم أوقات عصيبة وصعبة نترحم على من فقدناهم بسبب السرطان ، ونقف بقوة ودعم لا متناهي مع كل فرد نعرفه او لا نعرفه يعاني من السرطان ، وخصوصًا هذا الوقت الذي نفتقد فيه لنظام صحي قوي وفعال ، وانعدام برامج متكاملة للتوعية الصحية المجتمعية وللتشخيص الطبي المبكر ، ولعدم وجود الفحوصات المتكاملة والحديثة ومنها الكشوفات السريرية ، والاشعة بأنواعها ، والتحاليل المخبرية ، وفحوص العينات ، والحمض النووي ، والجيني والتصوير الجزيئي والمقطعي والمغناطيسي ، والمسح الذري ، واستخدامات الذكاء الاصطناعي ، ولانعدام العلاجات الموثوقة ، والبرتوكولات العلاجية الحديثة الموثقة ، مع غياب الأدوية وفوضى انتشار أدوية السرطان المغشوشة والمزورة ، أو من مصادر غير معروفة ، وعدم وجود الكوادر الكافية المتخصصة والمؤهلة طبيًا وتمريضيا وفنيًا ، والغلاء الفاحش في علاج الأورام السرطانية في الداخل والخارج ، والأرتفاع الجنوني في اسعار أدوية السرطان والمخالفة لمعايير التصنيع والاستيراد والتخزين والنقل والتوزيع والتعاطي ، مع تزايد حالات الإصابة بالسرطانات سنويًا ، في الوقت الذي يتسابق العالم في الحصول على الوسائل والأساليب والطرق الحديثة بالامكانيات المتطورة للتشخيص المبكر والعلاجات المستحدثة والناجعة التي تتجاوز العلاج التقليدي المتعارف عليه بالدول النامية ، والذي للآسف نفتقده في بلادنا ، ومنها العلاجات الكيميائية الذكية الأكثر فعالية والأقل أعراض جانبية وسمية ، والعلاجات الموجهة والمناعية والعلاج بالخلايا التائية ، واللقاحات العلاجية ، وتحديد الطفرات الجينية وتصميم أدوية مخصصة لها ، وعلاجات جينية لتصحيح واستبدال الجينات التالفة ، والعلاج بالجينات القاتلة ، والعلاجات الاشعاعية المتقدمة والموجهة ، والبروتونات العلاجية ، والعلاجات المتنوعة والمتعددة الوسائط ، والأدوية النانونية ، والعلاجات الرابطة بين الكيميائية والاجسام المضادة التي تستهدف الخلايا السرطانية ، والعلاج بالحرارة والتبريد ، والتقدم في العلاجات التلطيفية والخدمات الصحية الداعمة نفسيًا واجتماعيا واقتصاديًا ، ولأن معظم الأمراض السرطانية بالإمكان تجنبها بالوعي الصحي ، وتغيير أنماط الحياة ( الامتناع عن التدخين والكحول والسمنة وقلة النشاط البدني ) ، وضرورة الالتزام بالأغذية الصحية والسليمة ، والابتعاد عن الأغذية المصنعة وفائقة التصنيع والأطعمة الجاهزة ، والمحفوظة والمهدرجة والمشروبات الغازية ، والأغذية الملوثة ومنتهية الصلاحية والمغشوشة وغيرها ، وتجنب أسباب السرطان البيئية ( الملوثات الكيميائية والاشعاعية ) ، وانماط الحياة الخاطئة ، وضرورة الحصول على اللقاحات المضادة لبعض السرطانات ، وضرورة الاستجابة العاجلة من الجهات المسؤولة للتجاوب مع متطلبات المجتمع والعصر والعلم والمعرفة في التعامل مع السرطان ، ( وقاية وعلاج وتعافي وتأهيل ) .
المستجدات واعدة بأمل كبير وتغيير جذري في مفهوم السرطان ، والتحول لمرض قابل لمنعه قبل حدوثه ، والتعافي منه بفضل العلم والتكنولوجيا الطبية ، ونظل في حاجة ماسة لبعضنا نتآزر ونتعاون ونقدم الدعم والمساندة لكل مريض ولذويه وأحبابه ونخفف عن بعض حمل ثقل الالم والحزن والوجع ونتشارك الفرح والابتهاج بالتعافي
حفظ الله امتنا وبلادنا من كل داء