أثر الفقد وحقيقة الضياع
بقلم / خليفة الرقيعي
المستوى اللغوي في منابرنا الإعلامية المسموعة والمرئية الراهن هو الدال على أثر الفقد وحقيقة الضياع الثقافي اللغوي .. حتى وكأن هذه المنابر أصبحت الصوت الصارخ يقود ينعيه مأتم نهاية أصالة لغتنا ، وكأنها الرهان على أقصى درجات مآسيها فهي تجسد الصنم المشؤم الذي يهدد مصير ومستقبل لغة القرآن حتى تكون غير مقرؤة ولا منطوقة وتستسلم لغلبه اللهجات التي تمثل دينا مية الضياع .
أغلب ما تقدم هذه القنوات ، حتى في إعلاناتها التجارية ، لا تزيد عن ثرثرة وتأتاة مملة دامية وواهية تحرق أجفان عشاق اللغة الأم وتدل على شفا السقوط الثقافي ، فهي مبتورة الأجزاء ولطمة سوداء في تاريخ لغتنا ، اللسان العربي المبين لغة الأطناب والتضاء والتورية والبلاغة ، لغتها على المستويين المسموع والمرئي مفحمة بغياب الشمولية والفن والحكمة من وراء تصوير المعاني المؤسسة للوعي الثقافي ، فهي متبذلة وعابثة حتى في ظاهر أوها ، غير حبلى وغير معطاء للرمزية أو تعدد وعمق معانيها ، وطامسة الأبرز وأهم العناصر التي ترتكز عليها يدهنه القوميه والوطنية العربية ، لغة هذه القنوات تمثل الغياب الفادح للقوة المحركة للتطور الثقافي وتدل على تدني مخز وفاضح لأهم مقومات أصالتنا ولانها مخالفه اللحس التاريخي وفاقدة لأي قدرة لتمثيل الضمير الجماعي للذات العربية .
كانت قنواتنا المسموعة والمرئية في عنايتها وحرصها اللغوي محمودة ومرموقة ، حتى في نهايات حقبة عصورها الذهبية ونعي إبان وأيام المذيع الأسطوري محمد المطماطي ومحمد كشلاف وعلي بشير الشيباني وعبدالحميد امبيرش والدكتور علي امدلل وغيرهم ، كانوا جميعهم يغمرون لغتنا العربية بالارهاف وبالتجسيد العميق لصوتها اللغوي المميز ، برزين إيقاعها الباطني وجواهر احاسيسها في بؤرة لكنيه شاملة بما يجعل أعماقاً لكلماتها الفنية ممنوحة بجماليات نطقها في تقنيات متجددة تستثمر كل إمكانياتها العتبيريه في سياق يجعلها تنطق بدلالاتها .