الحرب في ثقافة الشعوب – الإسلام – (5)
محمد ابوالقاسم الككلي
من بين الأديان السماوية يعد الإسلام الدين الوحيد الذي وضع قواعد للحرب والسلم فقد حرم شن الحرب من أجل إذلال الشعوب واستعبادها ونهب خيراتها واستغلال مواردها الطبيعية وحرم قتل قتل النساء والأطفال والمسالمين من الرجال ‘ وقد أباح الحرب لرد العدوان أو نصرة المسلمين ‘
هذه الحقيقة يعرفها كل الدارسين لنظرية الحرب في الإسلام ،ومع ذلك حاول كثير من المستشرقين الربط بين الحرب والعنف والإسلام في كتاباتهم ‘
يقول جاستون بوتول في كتابه ( الحرب والمجتمع )
و ( في القرآن يعتبر نشر الإسلام بقوة السلاح واجبا دينيا ‘ والحرب هي المثل الأعلى بل هي أمر من الله، والجنة التي يعد بها محمد ( عليه الصلاة والسلام ) اتباعه يختص بها المحاربين الذين يلقون الموت وهم يقاتلون )
أن النظرة الغربية للحرب في الإسلام تنطلق من القول إنه إذا نشبت الحرب يتحرر المحاربين من كل قيد تجاه العدو وهذا ينطبق على الحروب التي شنها الغرب ضد بقية الشعوب الأخر’
عندما سقطت القدس في يدالصليبين عام 1099م تم ذبح كل المسلمين – رجالا ونساء واطفالا – وخاضت الجياد في الدم حتى الركب بل وحتى اللجام ( أن حكم الله كان عادلا ورائعا ‘أن هذا المكان نفسه، الذي ارتفعت من خلاله هرطقات هولاء المجدفين في حق الله، هو الذي يتلقى الله دماءهم فيه الآن ) ‘
وقد صور الشاعر عمر بن مظفر الوردي ما تعرض له المسلمين على يد الصلبيين في قصيدة طويلة :
تسومهم الروم الهوان، وانتم
تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
وكم من دماء أبيحت ومن دمي
نواري حياء حسنها بالمعاصم
مقابل وحشية الغرب يورد المؤرخ كافين رايلي في كتابه ( الغرب والعالم – تاريخ الحضارة من خلال موضوعات ) شهادة اوليفروس المدرسى عن السلطان الملك الكامل الذي هزم جيشا من جيوش الصليبين الغازية المتأخرة، ثم أعطى الناجين منهم الطعام : ( من يمكن ان يشك في أن مثل هذا العمل الطيب والصداقة والاريحية هو من عند الله؟ أن الرجال الذي قتلنا آبائهم وأبنائهم وبناتهم واخوتهم واخواتهم وقضوا نحبهم يتعذبون، والذين استولينا على أراضيهم، والذين سقناهم عرايا من بيوتهم، اعطونا من طعامهم عندما كنا نتضور جوعا وابقوا على حياتنا وغمرونا بعطفهم حتى ونحن تحت رحمتهم )
أن المقارنة هنا تثبت بأن الإسلام هو الأكثر تسامح من جهة ويفند بأنه انتشر بقوة السلاح من جهة أخرى لذلك ليس من المستغرب أن يقول غوستاف لوبون في كتابه ( حضارة العرب ) لو لم يظهر العرب لتأخرت أوروبا عدة قرون’