رموز ونجوم في سجل العمر
محمود السوكني
صدر قرار الإيفاد وتم بموجبه تنسيبي للعمل ملحقاً صحفيَاً في مدينة بلغراد عاصمة يوغسلافيا التي كان يحكمها بقبضة من حديد الزعيم ” جوزف بروز تيتو ” أحد مؤسسي حركة عدم الإنحياز ، ويوغسلافيا لمن لا يعرف لم تكن مجموعة الدول الحاليَة التي إنشقت عن جمهورية يوغسلافيا الإتحادية الإشتراكية عام 2006 وتسببت في إنهيار الإتحاد الذي كان يجمع شتات هذة الدولة العظيمة في ذلك الوقت والتي تم تعريفها على هذا النحو :- ( شغلت يوغسلافيا خلال الفترة الممتدة بين 1918 – 2006 من القرن العشرين مكاناً في الجزء الجنوبيّ الشرقيّ لأوروبا، وتحديداً في الجزء الغربيّ من البلقان، واحتضنت يوغسلافيا عدداً من القبائل السلافيّة التي كانت تقيم في تلك المنطقة، ويعتبر عام 1171م مولداً لهذا الاتحاد، ومع مجيء الاستعمار العثمانيّ ألحق هزيمةً كبيرةً بالصّرب خلال معركة أمسيفيلد عام 1499م، وفي 1483م وحّد العثمانيون منطقة البلقان، وصارت تحت سيطرتهم فأصبحت بذلك جزءاً من إمبراطوريتهم على مرّ أربعة قرون. عاشت يوغسلافيا عدداً من الحروب التي غيّرت مجرى تاريخها، من بينها الحرب العالميّة الأولى، وحروب أهليّة، وحرب يوغسلافيا وحروبٌ أخرى ) ورغم المساحة الشاسعة التي كانت عليها الجمهورية اليوغسلافية وتعدد أعراقها وتباين لهجاتها إلا أنها كانت دولة يحسب لها ألف حساب في المحافل الدوليَة ويُعد رئيسها النافذ من زعماء العالم المسموع الكلمة ذو التأثير الطاغي على مجريات الأحداث العالمية . كانت علاقتنا بجمهورية يوغسلافيا الإتحادية الإشتراكية ممتازة لحياديتها وتوافق مواقفها مع مواقف النظام في ذلك الوقت والتي تأسست على العلاقة المتينة التي كانت تربط الزعيمين “جمال عبدالناصر” و”تيتو” وأعتقد أن هذا هو السبب الذي حدا بالأستاذ “أبوزيد” إلى إستدعائي والطلب مني أن (أتخصص في شئون يوغسلافيا ) بما في ذلك –بالطبع- تعلم لغتها والإندماج في مجتمعها وتكوين علاقات برموزها من إعلاميين وكتاب وفنانين والتعرف على عاداتها وتقاليدها ( حتى تكون مرجعاً لنا ) في هذا البلد ! غادرت الوطن وكان بصحبتي الزميل ” عمر المغربي ” المكلف ملحقاً صحفياً في العاصمة الإيطالية ” روما ” حيثُ ودَعته هناك وإنطلقت في اليوم التالي مواصلاً رحلتي إلى ” بلغراد ” لأستلم عملي الجديد تحت رئاسة السياسي المحنَك والدبلوماسي المخضرم السفير الأستاذ ” إبراهيم محمد الطاهر البشاري ” أطال الله في عمره وهو غير رجل المخابرات الراحل ” إبراهيم البشاري ” غفر الله له . في نفس الفترة التي وصلتُ فيها إلى “بلغراد” وصل معي ونزل في نفس الفندق المستشار ” سعيد الطرميسي ” وقد احتفا بقدومنا بعض الزملاء الذين وفدوا إلى الفندق للترحيب بنا , لم أكن أعرف الفرق بين وظيفتي المستشار والملحق لحداثة عهدي بالعمل الدبلوماسي فلم اتحفظ وتركت نفسي على سجيتها أقول ما اعتقد وأصرح بما أراه حتى همزني السيَد ” حميدة صمود ” الملحق الصحي منبهاً لأدرك بعد فوات الآوان أنني أفشي اسراراً شخصيَة ماكان يجب أن يعرفها سعادة المستشار بإعتباره –تراتبيَاً- الشخص الثاني قي السفارة .