الحرب في ثقافة الشعوب (6)
محمد ابوالقاسم الككلي
استعرضنا في الحلقات السابقة مفهوم وغايات الحرب في الأساطير القديمة وعند بقية الشعوب وثقافتها واديانها حيث تبين لنا استنادا إلى الوقائع التاريخية كما يقول المؤرخ كافين رايلي في كتابه ( الغرب والعالم – تاريخ الحضارة من خلال موضوعات ) : لقد ( اكتسبنا القدرة قبل الحروب الصليبية بعهد طويل على تبرير أشد أفعالنا بربرية بأسم الله أو بأسم الحضارة المسيحية، أو بأسم العالم – الحر – وهو الصورة العلمانية لهذه الحضارة )
ويضيف أن ( الثورة العبرانية حافلة بكافة انواع الفظائع التي أصر – شعب الله المختار – على أنها ترتكب بأسم الرب وقلما نجا المصريرون أو القبائل الكافرة من انتقام الرب الغيور، وقد ظل المسيحيون على إيمانهم بهذا الإله المنتقم ) ‘
وعندما يتحدث عن الإسلام يقول ( ومع نهاية القرن الحادي عشر كان المجتمع الإسلامي قد أصبح أكثر استقرارا وتحضرا من أوروبا، حيث أخرج فلاسفة ورياضيين وفلكيين وأطباء وفنانين بنفس الحماس الذي كانت أوروبا الغربية تخرج به الجنود، ونقل خيالة الصحراء إلى إسبانيا تقنية زراعية جعلت الأرض تزدهر على نحو لم نرى مثله من قبل بل – ربما – حتى اليوم، وأصبح نسل الخيالة أساتذة طب في أولى كليات الطب في أوروبا، وعلم فلاسفتهم الغرب أفلاطون وارسطو، وعلم تجارهم وبحارتهم الاوربين الرياضة ومسك الدفاتر والسفر بالبحر، بالاختصار نجد أن الحضارة الإسلامية التي دمرها الصليبون في بيت المقدس كانت أرقى واجنح للسلم من غزاتها )
أن شهادة مؤرخ في حجم كافين رايلي ليست الأولى عن سماحة الإسلام وحضارته فقد سبقه كثيرون نذكر منهم الكونت دو بولانفيللييه في كتابه ( تاريخ العرب وحياة محمد ) الذي تصدى فيه بشجاعة نادرة تستحق التقدير للرد على كل الشبهات التي تحيط بأحكامه حيث يقول : أن محمد ( عليه الصلاة والسلام ) كان عفيفا ونقيا وتقيا لذلك وجدت دعوته للإسلام قبولا حتى بعد وفاته، لأن الإسلام قائم على الحق والمساواة بين أتباعه، بل أكثر من ذلك فهو متسامح مع اتباع الديانات السماوية الأخرى، وكان المسلمين أكثر رحمة وعدل حتى مع النصارى الذين اذاقوا المسلمين الويلات عند احتلالهم بيت المقدس ‘
ختاما أن الإسلام يتفوق في قيمه الأخلاقية والإنسانية على بقية الأديان والثقافات الأخرى وكل ما نحتاجه هو المزيد من الدراسات التي تبين هذه الحقيقة خاصة في هذا الوقت بالذات حيث يحاول البعض الربط بين الإسلام والإرهاب ‘
