براح الرأي
الجنون والإبداع (2) – محمد الككلي –
عن المفهوم الأدبي للجنون جاء في الموسوعة الفلسفية العربية انه يعني حالة من الغيبوبة والغرابة تعتري الأديب والفنان وتبعده عن حدود الواقع والمنطق، فيسبح في عالمه البعيد، يستنبط الصور والأفكار الغريبة إلى درجة الهذيان، أمثال بودلير، بريتون، ارتو، شوبنهور، شكسبير، بيكاسو وغيرهم ‘ لقد أصبح الجنون نمطا وجوديا في العالم بل حالة نفسية أدبية، وفي هذا العالم يحلق أصحاب الأدب السوريالي والرومنطيقي، وهنا لا بد من القول بأن الجنون الأدبي ليس انفصالا كاملا عن الواقع والعالم، انه غيبوبة مؤقتة يعود بعدها الأديب أو الفنان إلى الواقع ‘والأديب الذي يدخل إلى عالم الهذيان ولا يخرج منه، يغامر في أن يكون أدبه مجبولا بالهذيان والتفكك ‘ أن ما كتبه نيتشه في أواخر أيامه وأثناء فترة جنونه، كان اقرب الى الطب النفسي منه إلى الفلسفة، والأديب الفرنسي ارتو (توفي عام 1948 م)شن حربا ضد الطب النفسي وضد المجتمع الذي وصفه بالمريض وطالب بالحق في الجنون، وهو يعتقد أن الطب النفسي بدعة اوجدها المجتمع البرجوازي للحفاظ على مؤسساته ضد الناس الأذكياء وذوي التفكير الشفاف،ويرى أن المجتمع هو المريض وهو الذي يدفع بالناس للجنون، هذا المجتمع الغارق في الخطيئة والملذات الجنسية، والرد على هذا المجتمع يكون كما يقول ارتو،عن طريق الجنون الخلاق، الطهارة، والشفافية الذهنية لا تحدث إلا بالتمرد الحقيقي على المستنقعات الراكدة في المجتمع ‘