ثــقـافة قــانونيــة
مدى حق المرأة في نقل جنسيتها لابناءها :
- هند عبد الكريم القرقني
لا شك أن لرابطة الجنسية أهمية كبيرة لطرفيها ( المواطن والدولة ) كما تلعب رابطة الجنسية دورا هاماً بالنسبة للمواطن من لحظة ميلاده وحتى مماته ، لذلك تعتبر رابطة الجنسية أساس وجود الدولة ، لذا سنتناول قضية من أهم القضايا التي أثارت جدلا واسعاً ؛ وهي ما مدى حق المرأة الليبية في نقل جنسيتها لأبنائها من الزوج غير الليبي وفقا للتشريع الليبي ؟ وهل أخذ المشرع الليبي بمبدأ المساواة بين الأب والأم في حق نقل الجنسية الليبية للأبناء هنا سنتكلم بشكل موجز عن موقف المشرع الليبي في هذا الخصوص ..
صدر القانون رقم 24 لسنة 2010م بشأن أحكام الجنسية الليبية ، وقد جاء خاليا من الكثير من الأحكام الجوهرية التي كان الجميع ينتظرها ، فقد تبنى هذا القانون حق الدم وحق الإقليم من جهة الأب فقط لاكتساب الجنسية الليبية الأصلية .
فقد جاء في المادة الثالثة من هذا القانون بأنه ( يعد ليبياً كل من ولد في ليبيا لأب ليبي أذا كانت جنسية والده مكتسبة بحكم مولده فيها أو تجنسه)
يتبين جليا أن المشرع الليبي قد اعتمد حق الدم من جهة الأب كأساس أصيل لمنح الجنسية الليبية الأصلية مساويا بذلك بين الولادة داخل ليبيا آو خارجها ما دام الأب ليبياً ، كما اتجه لمنح الجنسية الليبية الأصلية على أساس حق الدم من جهة الأم بشكل احتياطي مرتبط بحق الإقليم أي الولادة على الإقليم الليبي ، وذلك في حالة غياب تأثير حق الدم من جهة الأب في نقل الجنسية الأصلية ، وذلك في حالات محددة وهي : من ولد لأم ليبية وأب مجهول الجنسية ، ومن ولد لأم ليبية وأب لا جنسية له.
في حالة كان مجهول الأبوين في هده الحالة يمنح الجنسية الليبية على أساس حق الإقليم فقط لغياب تأثير حق الدم من جهتي الأم والأب.
وقد نصت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون 24 لسنة 2010م على ( يجوز منح الجنسية الليبية لأولاد المواطنات الليبيات المتزوجات من غير الليبي ممن هم دون سن الرشد وذلك في حالة وفاة الأب أو ثبوت فقده بحكم قضائي ) على أن يرفق مع الطلب مستندات معينة حددتها اللائحة .
من خلال ما تقدم يتبين أن المشرع الليبي تبني حق الدم من جهة الأب بشكل مطلق متجاهلا حق الدم من جهة الأم إلا في حالات محددة يغيب فيها تأثير حق الدم من جهة الأب فالمشرع الليبي لم يأخذ بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة والذي جاءت بعض الاتفاقيات الدولية مؤكدة على حق المرأة في نقل جنسيتها لأبنائها ومساواتها بالرجل وهذه الاتفاقيات ملزمة لأطرافها وبالتالي فهي تقيد تشريعاتها ، فالمشرع الليبي جاء مخالفا بذلك لكل الاتفاقيات التي تعد ليبيا طرفا فيها ، فنرى انه من الضروري معالجة أوضاع أبناء الليبيات المولودين في ليبيا والمقيمين فيها ،وأن يتبنى المشرع مبدأ المساواة التامة بين الرجل والمرأة خاصة في مجال نقل الجنسية الأصلية للأبناء ، كما أنه لا فائدة من منعهم في حصولهم على الجنسية الليبية ، فهم يعتبرون مكون من مكونات المجتمع الليبي ويسهمون في بنائه ويعتبرون مصدر قوة له يجب أن تستغل لا أن تهمل .