كتاب الرائ

التليسي مؤرخاً متابعة تاريخية ومنهجية إحصائية –

يونس الفنادي -

التليسي مؤرخاً 2/2

متابعة تاريخية ومنهجية إحصائية

يونس شعبان الفنادي(*)

(*)  أديب وكاتب وإعلامي مستقل من ليبيا fenadi@yahoo.com

وأوضح المؤلف بأن هذه العقود الزمنية مجتمعة أنتجت خمسة وثلاثين مطبوعاً متنوعاً زاخراً بعطاء الأديب الراحل خليفة التليسي وإبداعاته المتميزة، ومن خلال تتبع هذه الأعمال وجهود الأديب الراحل في إنجازها يكشف لنا المؤلف أن أعمال ومنشورات الدكتور خليفة التليسي رحمه الله في مجال الترجمة تمثل ستة وأربعين بالمئة (46%) من عطائه المتنوع وهي تقارب نصف جهده وأعماله كلها، وقد برزت من خلال إصداره ستة عشرة كتاباً مترجماً، بينما بلغ عدد مؤلفات الأديب الراحل خليفة التليسي أربعة عشرة كتاباً مثلت (40%) أربعين بالمئة من إنتاجه الغزير المتنوع كافةً.

جاء كتاب (التليسي مؤرخاً) للأستاذ عمار جحيدر في خمسة فصول تسلسلت كالتالي: (التليسي بين نماذج بارزة من أجيال المؤرخين الليبيين في القرن العشرين) و(التليسي مثقفاً، الاعمال الكاملة في لوحة شاملة) و(مدونة التليسي التاريخية) و(عروض أولية عامة) وأخيراً (التليسي مؤرخا ثقافياً “التداخل الجدلي بين النقد الأدبي والتاريخ الثقافي”) تضمنت العديد من الوثائق والصور الضوئية لبعض مقالات وغلافات الكتب، وبعض لقطات الصور الفوتوغرافية الشخصية للأديب الراحل الدكتور خليفة التليسي وكذلك الكتابات الصحفية التي تناولت أعماله المختلفة، إضافة إلى ملحق مصور يشمل (لوحات مختارة من كناش المؤرخ).

وكل هذا الثراء المعرفي النثري والصوري والفوتوغرافي والأسلوب الموضوعي في رصد وتتبع واستقراء رحلة الأديب الراحل خليفة التليسي قد وفره كتاب (التليسي مؤرخاً) حين جعله مؤلفه القدير إصداراً يجمع بين الدراسة البحثية المتتبعة لأعمال الأديب الراحل، إضافة إلى تعزيزه بعرض الصورة والوثيقة التاريخية التي يمكن الرجوع إليها والاعتماد عليها عند التأريخ لحياته ودراستها بأكثر عمق وتفصيل، فنال الكتاب الصادر بكل ذلك الثراء والتنوع مرتبة متقدمة بين الاصدارات العديدة الرصينة والمتميزة التي تناولت أعمال الأديب الدكتور خليفة التليسي رحمه الله بدقة تفصيلية وغوص وعناية تكتسي الكثير من الأهمية والتقدير.

ومن بين ما كشف عنه المؤلف الأستاذ عمار جحيدر في مؤلفه هو علاقة الأديب الراحل الدكتور خليفة التليسي الوطيدة بمركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية التي نشأت منذ تأسيس المركز وظلت مزدهرة حتى أواخر سنة 1978 حين حدثت قطيعة وجفوة بين الأديب الراحل ومؤسسة المركز وهيئته الإدارية التي على رأسها الدكتور محمد الجراري واستمرت بضع سنوات حيث (… غضب غضباً شديداً وقاطع المركز مقاطعة صارمة بضع سنوات، إلى أن تمكن بعض أهل الخير وذوي الفضل من إقناعه ……، فعاد حبل الود بينه وبين المؤسسة والدكتور الجراري متيناً من جديدٍ…). ولم يكتفِ المؤلف بسرد تلك الواقعة والمرور على ذكرها مرور الكرام ضمن سياقات الماضي فحسب، بل نجد أن مشاعره الجياشة النبيلة المتأصلة بالوفاء لأساتذته الأجلاء، والصدق والأمانة لعمله البحثي، وروحه الإنسانية السمحاء الغيورة والمتأسسة على محبته لاستمرارية علائق الخير وأواصر الوئام، يعود الأستاذ المؤلف عمار جحيدر للبحث في تلك الحادثة بعد عقود من الزمن، ويوجه أسئلته الخطية المكتوبة حولها مباشرة للدكتور محمد الجراري في أواخر سنة 2010 أي بعد حوالي اثنين وثلاثين سنة لاستيضاح خلفياتها ونشر الإجابات الحرفية التي تفصح عن سوء الفهم بشأنها، غايته من كل ذلك تبيان الحقيقة وما خفي منها.

سيظل كتاب (التليسي مؤرخاً) للأستاذ عمار محمد جحيدر واحداً من أهم المراجع التنويرية التي تقدم متابعة زمنية وتحليلاً إحصائياً دقيقاً لجهود الدكتور خليفة التليسي رحمه الله في جميع عطاءاته الأدبية بكل أجناسها. ولو قدر لمؤلفه تضمين هذا الكتاب ما تم نشره في ملف عدد مجلة (الفصول الأربعة) المعنون (خليفة محمد التليسي .. الجبل ينشر ظلاله)  الصادر سنة 1992 (66-67-68 السنة الثانية عشرة 1402 و.ر التمور/ الحرث/ الكانون/ أكتوبر/ نوفمبر/ ديسمبر/1992) خاصة الحوار المهم الذي أجراه الأديب الأستاذ يوسف الشريف مع الدكتور خليفة التليسي رحمه الله، لجاز لنا أن نطلق على كتاب (التليسي مؤرخاً) شبه سيرة ذاتية متكاملة كتبت بلغة الأرقام وتعززت بالصور والوثائق التاريخية… في غياب السيرة الذاتية النثرية لأديبنا الراحل خليفة التليسي رحمه الله، فكل التحايا والإكبار والتقدير والإجلال للأستاذ عمار جحيدر على هذه الإضافة الثمينة للمكتبة العربية التي ستكسب بها الكثير من المعلومات الغزيرة والبيانات الوفيرة وتقدمها لكل باحث ومهتم سواء بمسيرة الأديب الراحل خليفة التليسي الخاصة أو المشهد الأدبي والفكري والإبداعي عامة في بلادنا الحبيبة.

 

التليسي مؤرخاً متابعة تاريخية ومنهجية إحصائية –1/2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also
Close
Back to top button